|
|
|
|
كتب لينين الرملي
لا تحتاج إلي القانون لو كنت تعمل بالبلطجة أو كنت تملك سلطة إصدار القرارات فحسبت نفسك فوق القانون.. لا تحتاج إلي تحقيقات ولا محاكم لأنك تستطيع أن تكون جهة الاتهام وإصدار الأحكام وتنفيذها.يمكنك اتهام الناس بشتي المخالفات وصولا إلي العمالة والخيانة والقبض من جهات أجنبية والكفر.بل تستطيع أن تتهم الناس في وسائل الإعلام بتهم لا يعرفها القانون أصلا محدثا انقلابا ثوريا عظيما!
في الماضي أوقف العمل بمعظم القوانين (مش ثورة؟) بلاها القوانين والدستور ومجلس الشعب. طبعا كله من أجل الشعب! و"فوض" مجلس قيادة الثورة نفسه لحكم الشعب بدون انتخابات لأربع سنوات يكون الشعب فيها فكر علي مهله وجرب المجلس وبعدها يختاره أو لا!
وأشاعت القيادة وقتها تهمة خطيرة اسمها عدو الشعب. ابحث اليوم في كل القوانين التي عرفتها مصر فلن تجد تهمة بهذا الاسم. جرت في النهر مياه كثيرة لكن نشر التهم خارج جدران المحاكم في وسائل الإعلام أو عن طريق شكوي لأي جهة بما فيها التهم التي ليست بتهم أصلا مازال ساريا. يمكن اتهام من لا يتفق معك في رأيك أو سلوكك بواسطة تعبير غامض يشبه عدو الشعب.أو تختلق عنه الأخبار الكاذبة التي لم تحدث. قانون الجمعيات الأهلية يسمح لوزير التضامن الاجتماعي بحل الجمعية العمومية إذا ثبت وجود مخالفات جسيمة وبعد إجراءات طويلة معقدة.
لكن القانون لا يسمح له بحل مجلس إدارة الجمعية المنتخبة من جمعيتها العمومية. لكن الوزير أحدث انقلابا ثوريا وحل مجلس إدارة منتخب وحده! ربما رأي أن الشعب (أي الجمعية العمومية ثار علي المجلس) لكن لمجرد أن خمسة أعضاء كتبوا شكوي لوزارته ماذا تقول؟ وإذا علمت أن الوزارة لم تجر تحقيقا جادا ولم تخطر المجلس بقرار الحل ولم تطلب منه تسليم ما لديه من وثائق بمحضر رسمي؟ وأن الوزارة اختارت أحد الشاكين (ربما لأنه سقط في الانتخابات) ليفوضه لإدارة الجمعية وحده لحين إجراء انتخابات خلال شهرين. ثم مد المفوض أو الوزارة موعد الانتخابات شهرين آخرين.(عجبه الوضع).
ماذا لو علمت أن هذا المفوض المعين ذهب مع قوة من الشرطة كسرت أبواب مكاتب الجمعية لتسلمه ما بها من أوراق ومستندات بدلا من أن يتسلمها من المجلس المنتخب المعزول كما تقضي اللوائح بمحضر رسمي يثبت محتوياتها؟ (وهو ما يسمح للمفوض إخفاء ما يريد من الأوراق).
ماذا لو علمت أن وزارة التضامن سبق وقفزت علي القانون وفعلتها مع جمعيتين من قبل ثم حكمت المحاكم ضد الوزارة؟. الجمعية التي أتحدث عنها هي جمعية الأتيليه التي أتشرف بالانتساب إليها مع عدد كبير من فناني ومثقفي مصر. رئيسها المنتخب المعزول هو الفنان وجيه وهبة الذي انتزع للأتيليه حق الترشيح لجوائز الدولة من أربع سنوات ورغم أن القانون يعطي المجلس وحده حق الترشيح للجوائز فقد عرض أسماء المرشحين علي كل الأعضاء العاديين في تصويت سري للاسترشاد به ورشح المجلس فعلا من اختيروا. والأتيليه هو أكثر جهة من جهات الترشيح فاز من رشحتهم لجوائز الدولة وبفارق كبير عن الجامعات والأكاديميات والجهات الأخري. كان ممكنا أن يجلس السيد الوزير مع مجلس إدارة الجمعية وكلهم من الفنانين والأدباء ليسمع رأيهم في الشكوي وأعتقد أن وقته يتسع.ولكنه لم يفعل. كان يمكن للوزارة أن تدعو لعقد جمعية عمومية لتعرف الحقيقة. ولم تفعل.
من حق الجميع كتابة الشكاوي عن مخالفات مالية أو في الإجراءات كما حدث بالنسبة للأتيليه التي أزعم بصفتي عضوا فيه أنها غير صحيحة. ورأيي بالطبع لا يهم. لكن من حق من كتبت ضدهم الشكوي أن يجري تحقيقا جادا فيها وهو ما لم تفعله الوزارة.
أما أصحاب الشكوي فنشروا في الصحف اتهامات أخري مختلفة تماما.
ففي أحاديث صحفية كثيرة اتهم المفوض رئيس الأتيليه بأنه ناشط في التطبيع مع الصهاينة،, وعلاقاته وثيقة مع السفير الأمريكي! ( الأمن نايم عندنا !) واحتفل بالسفير في الأتيليه أثناء عدوان أمريكا علي العراق! ورغم أن كل ذلك لم يحدث فالتهم غير موجودة في القانون المصري.باختصار وبتعبير الماضي هو عدو الشعب.
بعد الصحف جاءت المواقع التي تدعي الدفاع عن الإسلام فكتب الأستاذ كمال حبيب أن الفنان وجيه وهبة المنتخب رجل " غامض ".(شفت التهمة؟) وأنه (وليس الأعضاء أو المجلس) رشح سيد القمني لجائزة الدولة (يا للهول) كما اتهمه بأنه يمهد لتمكين اليهود من استرداد مبني الأتيليه. ومعني كلامه أن المجلس كله طراطير وبلاها الانتخابات اللي تنجح الرجل الغامض.
ومعناه أن أعضاء المجلس الأعلي للثقافة الذين منحوا القمني الجائزة هم رجال غامضون كفرة ومطبعون مع الصهاينة وقد كتب فعلا شيئا بهذا المعني مطورا لغة الماضي وبدلا من عدو الشعب ..عدو الدين.
الاتهام سهل ولكن من يتعرضون لمثل هذه التهم لا يردون فيتهمون خصومهم أنهم تقاضوا أموالا من صدام حسين أو الحركات المتطرفة أو يعملون لحساب إيران و محورها بما فيه دول عربية وحماس وحزب الله. وهي كل تهم حقيقية بحسب القانون وبعضها منظور حاليا أمام المحاكم. كتب عدد كبير من الفنانين والمثقفين المشهود لهم بيانا اعتراضا علي ما حدث.
ولكن الوزير اكتفي بشكوي ستة أعضاء.بلاها الثقافة. تضامن الوزير مع الذين يتهمون الآخرين بهذه التهم الغامضة والكاذبة من حقه. وعلي المتضرر اللجوء للقضاء بتهمة القذف وهذا ما أقدم عليه من لاحقتهم هذه التهم الشفوية كما رفعوا قضية في مجلس الدولة ضد قراره لعدم قانونيته. ومن حقنا أن نعرف رأي الوزير وندعوه كما قال الفيلسوف الإغريقي (تكلم حتي أراك).
فإذا لم يكن عنده الوقت للكلام مكتفيا بقراره، نقول له (لقد رأيناك) وربنا يقوي إيمانك.... بالله وبالقانون!.
0 التعليقات:
إرسال تعليق