
خلال السنوات القليلة الماضية وحتى الآن مازال لينين الرملى
يثير الكثير من المشكلات، التى تدفع معظم الناس
إلى الاختلاف معه، واتخاذ مواقف تجاهه،
أعتقد أنه فى غنى عنها، حيث انه حقق نجاحا،
لا يمكن أن نتجاهله، وحقق حضورا لا ينبغى أن يفرط فيه،
فنصوصه يقدمها جميع الهواة فى مصر،
باعتبارها نصوصا تحمل رؤى يراها الشباب
مناسبة لطموحاتهم، وأحلامهم فى التواجد بشكل جيد،
ومن ثم فقد اكتسب شهرته ليس فقط من انتمائه
للمسرح المحترف، ولكن من انحياز الهواة
لمسرحه بشكل طاغ، وأعتقد أن مبدعا بهذا الحجم،
يجب ألا ينساق وراء أى ادعاء، أو مغالطة تخص
الصراع العربى الإسرائيلى الذى لم يحسم بعد،
بين الطرفين المتنازعين!! وتاريخه،
وابداعه يعطينا حق الاختلاف معه،
إذا لم يوضح موقفه بشكل نهائى، فيما يتعلق،
بتلك القضية، وما يرتبط بها من مواقف تخص
مسألة التطبيع، فتلك هى الورقة الوحيدة التى
نملكها الآن، تجاه كيان يرى أن من حقه ـ وحده ـ
أن يعيش، بينما نراه يهيل التراب على الطرف الفلسطينى،
وكأنه يرى أن العيش ليس من حق الفلسطينيين كذلك!!
أقول هذا الكلام بسبب ما أثير من قبل،
وما يثار الآن لمرة ثانية، حول بعض تصرفات الكاتب الكبير،
الذى لا نريد أن نخسره فى رهان غير محسوب العواقب،
وغير محتمل النتائج، فنحن فى أشد الحاجة
إلى المحافظة على إجماع المثقفين،
بتباين اتجاهاتهم ـ وهو واحد منهم ـ لرفض التطبيع،
حتى تتحرر جميع الأراضى المحتلة،
وتقوم دولة فلسطين التى عاصمتها القدس العربية،
لا أعتقد أن كاتبا مثل (لينين الرملي) يمكن
أن يغامر تلك المغامرة،وأن يقامر بتاريخه،
لأن تلك المغامرة،والمقامرة، ستفقده معظم الأصدقاء،
وبعض المحبين، وجموع المثقفين..
كل هذه التداعيات، والأمنيات فى ألا يتحقق مراد
من يريد إبعاده، وإخراجه عن إجماع المثقفين
لرفض التطبيع، انتابتنى وأنا أشاهد
عرضه المسرحى (الغرفة العلوية) الذى كتبه،
وأخرجه، من إنتاج (المركز القومى للمسرح)
واشترك به فى المهرجان القومى للمسرح المصرى،
وهو عرض قصير مدته أربعون دقيقة،
يقدم فيه أربعة ممثلين جدد، ربما عملوا معه من قبل،
لكنهم فى نهاية الأمر هواة، لا يتقاضون أجورا ـ
على ما أعتقد ـ وذلك بسبب فقر الإنتاج،
الذى تلمسه حين تشاهد الصورة المسرحية
التى قدم خلالها موضوعه.
وموضوعه قدمه بأسلوب عبثى،ناقش ـ خلاله ـ
قضية خطيرة مفادها أن الأشقاء يتصارعون
من أجل وهم، بينما يستفيد من صراعهم أنماط
يضعها المجتمع فى أسفل السلم الاجتماعى،
والأخلاقى (العاهرة والخادم القواد).
ونتساءل أى وهم يقصد، وهذا القتال بين الشقيقين،
الذى أسفر عن قطع لسان أحدهما،
وفقع عين الثانى، لماذا دار أصلا!؟
لقد قدم الكاتب (لينين الرملي) الإجابة عن الشق الثانى
من سؤالى، والمتعلق بلماذا كان القتال؟
ولم يقدم الإجابة عن الشق الأول!!
كان القتال بسبب الخلاف الذى تم بين شقيقين هما
(سامى ـ عبد الله) حول إيمان أحدهما وهو عبد الله
بأن أمه موجودة على قيد الحياة، بينما الآخر يخبره
أنها ماتت منذ سنوات، وعبد الله يتمسك بإيمانه
الكامل فى وجودها، بينما يتمسك الشقيق الطبيب (سامي)
أن أخاه يعيش وهما، ينبغى التخلص منه،
وإلا أصبح مجنونا، يستحق العلاج بالصدمات الكهربائية،
كما حدث، ونسمع أصوات الأم الخارجية،
تنادى على ابنها (عبد الله) وتتحدث معه،
ثم نسمعها، تتوعد (سامي) المنكر لوجودها بأشد العقاب،
بما يجعله للحظات يظن أنها موجودة بالفعل،
لقد أدرك أنه سيقع فى الخطأ إذا ظن أنها موجودة،
ولذلك يتقاتلان، بينما نرى المرأة اللعوب،
(حياة) تلعب على الشقيقين، وتريد الزواج بأحدهما،
والاحتفاظ بالآخر ـ كعشيق لها،
نراها تؤكد تصور (عبد الله) بأن أمه موجودة،
حتى تحصل على ثقته، ويرضى بالزواج منها،
وفى النهاية، بينما نراهما يتصارعان،
نشاهد تلك المرأة تأخذ الخادم الذى يمارس
سطوته على الشقيقين، داخل المنزل الذى
يعشون فيه جميعا، نراها تأخذه، وترحل،
بينما ينظران نظرة استهتار، وشماتة إلى الشقيقين
الغارقين فى دمائهما، تلك هى أحداث المسرحية،
بالتفصيل، اذكرها هكذا، على الرغم من أننى
من الذين يقومون بتلخيص موضوع العرض المسرحى،
لأن عملية التلخيص، تبعد الناقد عن مهمته الأساسية،
وهى تحليل العرض المسرحى، بمفرداته،
وعناصره المتنوعة، والمتباينة، ولكنها الضرورة،
وللضرورة أحكام كما يقولون!!
الموضوع إذن، يعكس رؤية فكرية، وفلسفية للكاتب،
والمخرج، وذلك لاستناده على أفكار وأساليب كثيرة
وجدناها فى المنجز المسرحى الأجنبى،
منها : التعامل مع القضية الكلية، ببعدها الفلسفى،
الذى يمكن أن يتيح لك فرصة التفسير فى ضوء ثقافتك،
وموقفك، ومنها أيضا ذلك الأسلوب العبثى الذى أشرت إليه،
وجاء لضرورة فنية، وللهروب من مأزق رقابى،
وهو ـ أخيرا ـ استفادة من تلك الأفكار التى
تعرض لها المسرح منذ ما يزيد على مائة عام،
حين تناول الكاتب الايطالى (لويجى بيرندللو)
فكرة (نسبية الحقيقة) والصراع الكامن بين
من يؤمنون بالوهم، وبين من يؤمنون بالحقيقة،
وكل طرف من الطرفين، لا يستطيع أن يملك شيئا مقنعا،
وتبدأ المتاهة.. كل هذه الأفكار، ترجمها،
واستفاد منها (لينين الرملي) فى عرضه،
وتلك الترجمة، لم تجعلنا نصل إلى شيء محدد،
أو رسالة واضحة، فأنت تخرج من العرض،
وتتساءل لماذا يحدث كيت، وكيت و....؟
وإذا وجدت نفسك تلجأ بشكل غير متعمد للتفسير السياسى
ـ وهذا حقك بالطبع ـ ما دامت معطيات العرض تسمح بهذا،
بل وتساعدك على أن تذهب نحو تلك الوجهة،
حينها ستجد نفسك فى "حيص بيص"،
لأن التفسير السياسى خطير، لأن مؤداه:
أنه لا شيء يستحق أن تدافع عنه، لأن كل شيء وهم،
فى حين أنه كما أن فى الحياة أشياء وهمية،
فان فيها أيضا أشياء حقيقية، بمعنى أن هناك
قضايا لا يمكن الخلاف حولها كقضية الظلم والعدل،
والحق والباطل، والأمن والأمان.. الخ،
أرأيت معى كيف أن المعالجة خادعة؟!
على الرغم من أن الموضوع يتميز بالجدة؟؟
أن تكون واضحا، فى رؤيتك، وموقفك،
خير لك من أن تكون مراوغا. أتقبل أن يقوم
الكاتب لينين الرملى بإخراج عمله، بروح الهواية،
فهو ليس محترفا فى مجال الإخراج المسرحى،
وان كانت له سابقة من قبل حين أخرج مسرحيته
(اخلعوا الأقنعة) والتى شارك بها فى المهرجان
فى دورته الثانية، قبل سنتين، ولم يوفق كثيرا فيها،
وهذا العرض بأكمله ـ باستثناء النص ـ
هو عمل من أعمال الهواة، وإن نسب إلى مؤسسة ثقافية،
هى (المركز القومى للمسرح) لأن المركز ـ
على ما أعتقد ـ لايملك إمكانيات الدعم والتمويل لعرض
له صفة احترافية، لأن هذا الأمر ليس من مهامه الفعلية،
أو الأساسية، وعموما فنحن ننشد أن تقوم
كل المؤسسات بدعم عروض الهواة،
وبشكل عادل!
أحمد عبد الرازق أبو العلا
يثير الكثير من المشكلات، التى تدفع معظم الناس
إلى الاختلاف معه، واتخاذ مواقف تجاهه،
أعتقد أنه فى غنى عنها، حيث انه حقق نجاحا،
لا يمكن أن نتجاهله، وحقق حضورا لا ينبغى أن يفرط فيه،
فنصوصه يقدمها جميع الهواة فى مصر،
باعتبارها نصوصا تحمل رؤى يراها الشباب
مناسبة لطموحاتهم، وأحلامهم فى التواجد بشكل جيد،
ومن ثم فقد اكتسب شهرته ليس فقط من انتمائه
للمسرح المحترف، ولكن من انحياز الهواة
لمسرحه بشكل طاغ، وأعتقد أن مبدعا بهذا الحجم،
يجب ألا ينساق وراء أى ادعاء، أو مغالطة تخص
الصراع العربى الإسرائيلى الذى لم يحسم بعد،
بين الطرفين المتنازعين!! وتاريخه،
وابداعه يعطينا حق الاختلاف معه،
إذا لم يوضح موقفه بشكل نهائى، فيما يتعلق،
بتلك القضية، وما يرتبط بها من مواقف تخص
مسألة التطبيع، فتلك هى الورقة الوحيدة التى
نملكها الآن، تجاه كيان يرى أن من حقه ـ وحده ـ
أن يعيش، بينما نراه يهيل التراب على الطرف الفلسطينى،
وكأنه يرى أن العيش ليس من حق الفلسطينيين كذلك!!
أقول هذا الكلام بسبب ما أثير من قبل،
وما يثار الآن لمرة ثانية، حول بعض تصرفات الكاتب الكبير،
الذى لا نريد أن نخسره فى رهان غير محسوب العواقب،
وغير محتمل النتائج، فنحن فى أشد الحاجة
إلى المحافظة على إجماع المثقفين،
بتباين اتجاهاتهم ـ وهو واحد منهم ـ لرفض التطبيع،
حتى تتحرر جميع الأراضى المحتلة،
وتقوم دولة فلسطين التى عاصمتها القدس العربية،
لا أعتقد أن كاتبا مثل (لينين الرملي) يمكن
أن يغامر تلك المغامرة،وأن يقامر بتاريخه،
لأن تلك المغامرة،والمقامرة، ستفقده معظم الأصدقاء،
وبعض المحبين، وجموع المثقفين..
كل هذه التداعيات، والأمنيات فى ألا يتحقق مراد
من يريد إبعاده، وإخراجه عن إجماع المثقفين
لرفض التطبيع، انتابتنى وأنا أشاهد
عرضه المسرحى (الغرفة العلوية) الذى كتبه،
وأخرجه، من إنتاج (المركز القومى للمسرح)
واشترك به فى المهرجان القومى للمسرح المصرى،
وهو عرض قصير مدته أربعون دقيقة،
يقدم فيه أربعة ممثلين جدد، ربما عملوا معه من قبل،
لكنهم فى نهاية الأمر هواة، لا يتقاضون أجورا ـ
على ما أعتقد ـ وذلك بسبب فقر الإنتاج،
الذى تلمسه حين تشاهد الصورة المسرحية
التى قدم خلالها موضوعه.
وموضوعه قدمه بأسلوب عبثى،ناقش ـ خلاله ـ
قضية خطيرة مفادها أن الأشقاء يتصارعون
من أجل وهم، بينما يستفيد من صراعهم أنماط
يضعها المجتمع فى أسفل السلم الاجتماعى،
والأخلاقى (العاهرة والخادم القواد).
ونتساءل أى وهم يقصد، وهذا القتال بين الشقيقين،
الذى أسفر عن قطع لسان أحدهما،
وفقع عين الثانى، لماذا دار أصلا!؟
لقد قدم الكاتب (لينين الرملي) الإجابة عن الشق الثانى
من سؤالى، والمتعلق بلماذا كان القتال؟
ولم يقدم الإجابة عن الشق الأول!!
كان القتال بسبب الخلاف الذى تم بين شقيقين هما
(سامى ـ عبد الله) حول إيمان أحدهما وهو عبد الله
بأن أمه موجودة على قيد الحياة، بينما الآخر يخبره
أنها ماتت منذ سنوات، وعبد الله يتمسك بإيمانه
الكامل فى وجودها، بينما يتمسك الشقيق الطبيب (سامي)
أن أخاه يعيش وهما، ينبغى التخلص منه،
وإلا أصبح مجنونا، يستحق العلاج بالصدمات الكهربائية،
كما حدث، ونسمع أصوات الأم الخارجية،
تنادى على ابنها (عبد الله) وتتحدث معه،
ثم نسمعها، تتوعد (سامي) المنكر لوجودها بأشد العقاب،
بما يجعله للحظات يظن أنها موجودة بالفعل،
لقد أدرك أنه سيقع فى الخطأ إذا ظن أنها موجودة،
ولذلك يتقاتلان، بينما نرى المرأة اللعوب،
(حياة) تلعب على الشقيقين، وتريد الزواج بأحدهما،
والاحتفاظ بالآخر ـ كعشيق لها،
نراها تؤكد تصور (عبد الله) بأن أمه موجودة،
حتى تحصل على ثقته، ويرضى بالزواج منها،
وفى النهاية، بينما نراهما يتصارعان،
نشاهد تلك المرأة تأخذ الخادم الذى يمارس
سطوته على الشقيقين، داخل المنزل الذى
يعشون فيه جميعا، نراها تأخذه، وترحل،
بينما ينظران نظرة استهتار، وشماتة إلى الشقيقين
الغارقين فى دمائهما، تلك هى أحداث المسرحية،
بالتفصيل، اذكرها هكذا، على الرغم من أننى
من الذين يقومون بتلخيص موضوع العرض المسرحى،
لأن عملية التلخيص، تبعد الناقد عن مهمته الأساسية،
وهى تحليل العرض المسرحى، بمفرداته،
وعناصره المتنوعة، والمتباينة، ولكنها الضرورة،
وللضرورة أحكام كما يقولون!!
الموضوع إذن، يعكس رؤية فكرية، وفلسفية للكاتب،
والمخرج، وذلك لاستناده على أفكار وأساليب كثيرة
وجدناها فى المنجز المسرحى الأجنبى،
منها : التعامل مع القضية الكلية، ببعدها الفلسفى،
الذى يمكن أن يتيح لك فرصة التفسير فى ضوء ثقافتك،
وموقفك، ومنها أيضا ذلك الأسلوب العبثى الذى أشرت إليه،
وجاء لضرورة فنية، وللهروب من مأزق رقابى،
وهو ـ أخيرا ـ استفادة من تلك الأفكار التى
تعرض لها المسرح منذ ما يزيد على مائة عام،
حين تناول الكاتب الايطالى (لويجى بيرندللو)
فكرة (نسبية الحقيقة) والصراع الكامن بين
من يؤمنون بالوهم، وبين من يؤمنون بالحقيقة،
وكل طرف من الطرفين، لا يستطيع أن يملك شيئا مقنعا،
وتبدأ المتاهة.. كل هذه الأفكار، ترجمها،
واستفاد منها (لينين الرملي) فى عرضه،
وتلك الترجمة، لم تجعلنا نصل إلى شيء محدد،
أو رسالة واضحة، فأنت تخرج من العرض،
وتتساءل لماذا يحدث كيت، وكيت و....؟
وإذا وجدت نفسك تلجأ بشكل غير متعمد للتفسير السياسى
ـ وهذا حقك بالطبع ـ ما دامت معطيات العرض تسمح بهذا،
بل وتساعدك على أن تذهب نحو تلك الوجهة،
حينها ستجد نفسك فى "حيص بيص"،
لأن التفسير السياسى خطير، لأن مؤداه:
أنه لا شيء يستحق أن تدافع عنه، لأن كل شيء وهم،
فى حين أنه كما أن فى الحياة أشياء وهمية،
فان فيها أيضا أشياء حقيقية، بمعنى أن هناك
قضايا لا يمكن الخلاف حولها كقضية الظلم والعدل،
والحق والباطل، والأمن والأمان.. الخ،
أرأيت معى كيف أن المعالجة خادعة؟!
على الرغم من أن الموضوع يتميز بالجدة؟؟
أن تكون واضحا، فى رؤيتك، وموقفك،
خير لك من أن تكون مراوغا. أتقبل أن يقوم
الكاتب لينين الرملى بإخراج عمله، بروح الهواية،
فهو ليس محترفا فى مجال الإخراج المسرحى،
وان كانت له سابقة من قبل حين أخرج مسرحيته
(اخلعوا الأقنعة) والتى شارك بها فى المهرجان
فى دورته الثانية، قبل سنتين، ولم يوفق كثيرا فيها،
وهذا العرض بأكمله ـ باستثناء النص ـ
هو عمل من أعمال الهواة، وإن نسب إلى مؤسسة ثقافية،
هى (المركز القومى للمسرح) لأن المركز ـ
على ما أعتقد ـ لايملك إمكانيات الدعم والتمويل لعرض
له صفة احترافية، لأن هذا الأمر ليس من مهامه الفعلية،
أو الأساسية، وعموما فنحن ننشد أن تقوم
كل المؤسسات بدعم عروض الهواة،
وبشكل عادل!
أحمد عبد الرازق أبو العلا
0 التعليقات:
إرسال تعليق