
بقلم : امينة النقاش
اعتاد لينين الرملي في زاويته اليومية
الساخرة "هرش مخ" في صحيفة الوفد
ان يضحكني من القلب من فرط سخريته
من الظواهر السياسية والاجتماعية
في مصر والعالم العربي،
هذه المرة شعرت برغبة في البكاء،
قال لينين انه يحب مصر لكنه لم يعد يراها
كي يحبها فمصر تنقبت.
وما يشير اليه لينين الرملي واضح،
فقد اصبح النقاب في مصر الآن أ
هم معالمها وأكثر معاركها اشتعالا.
فما كاد شيخ الجامع الازهر
الدكتور محمد سيد طنطاوي ينتقد ارتداء
فتاة للنقاب تدرس في الصف الثاني الاعدادي
في أحد المعاهد الازهرية في القاهرة،
كان يتفقد سير الدراسة بها ،
حتي انطلقت حملة مسعورة مفلوتة
العيار تهاجمه بأقسي العبارات واكثرها
ابتذالا وتشكيكا في اهليته للمنصب
الذي يشغله، وبالغ بعضها بمطالبة
الدولة بإقالته من منصبه.
واذا كان من الطبيعي ان تقود
الكتلة البرلمانية لجماعة الاخوان ا
لمسلمين الحملة عليه في الفضائيات
وفي الصحف الخاصة،
فلم يكن مفهوما ان يدخل معركة الهجوم
من يعترضون علي ارتداء النقاب اصلا
ومن يزعمون الدفاع عن مدنية الدولة،
ومن يفرقون بين حقوق الفرد في
المجالين الخاص والعام،
ومن يعرفون ان القانون يمنح
ولي امر أي منشأة الحق في تحديد
زي العاملين بها،
ومن يدركون ان تلك مبارزة قوة
واستعراض عضلات يريد بها التيار
الاسلامي ان يثبت انها دليل
علي تغلغل افكاره ومدي انتشارها.
وبدلا من ان يتوقف هؤلاء امام
اهم ما جاء في حديث شيخ الازهر
مع الفتاة المنتقبة،
وهو ان رئيس اعلي هيئة دينية
في العالم الاسلامي يؤكد ان النقاب
عادة وليس عبادة،
وانه ليس فرضا في الاسلام وانه
فضل لا فرض،
توقفوا كثيرا امام تفاصيل الحديث
الذي دار بين فضيلته والتلميذة ،
التي يقع شيخ الازهر منها موقع
الجد لان عمرها لا يتجاوز أحد عشر عاما.
وحتي هذه اللحظة لم اجد غير
الاثارة سببا في نشر بعض ا
لصحف تلك التفاصيل،
وهي إثارة تخفي هدفها الحقيقي
وهو اعتراض هؤلاء علي
تفسير شيخ الازهر كعالم دين ملم
بعلوم القرآن والسنة المحمدية
ما يجعله يقول بثقة ان النقاب
عادة اجتماعية وليس فرضا دينيا،
حتي لو قال ذلك بشكل عصبي اعقب
محاججة الفتاة لفضيلته بانه فرض
وضرورة، وكأنها اعلم منه
بعلوم الدين وشرائعه ورفضها
في البداية الامتثال لامره بخلعه
وهو ما اغضبها وابكاها.
يستطع فضيلة الشيخ طنطاوي ان
يستدعي الفتاة الي مكتبه لتطييب
خاطرها وحتي الاعتذار لها لما
عرف عنه من طيبة قلب ودماثة خلق،
وعلي فضيلته ان يتمسك بما
كان ينوي اتخاذه من اجراءات
بينها اصدار قرار بمنع ارتداء الدارسات
في المعاهد الازهرية للنقاب،
ومن تتمسك بارتدائه فلتفعل ذلك
في بيتها او في الطريق العام
مع الأخذ في الاعتبار انه يحق
للمسئولين عن النظام والامن
في الطرق العامة التحقق من شخصيتها،
اذا لزم الامر.
قبل سنوات تم اكتشاف طالب يرتدي
النقاب ويؤدي الامتحان بدلا
من زوجته في احدي الجامعات المصرية.
كما انتقب اثنان من الارهابيين اثناء
اقتحامهم محل جواهرجي،
لاغتيال صاحبه ونهبه، فهناك
ضرورات اجتماعية وامنية
لمنع ارتداء النقاب في اماكن العمل
والدراسة وحتي في الطريق العام،
ومن يعللون ارتداءه بالحرية
الشخصية يتجاهلون ان تلك الحرية
مشروطة بالا تعتدي علي حقوق
الآخرين افرادا كانوا او مجتمعا.
لا يجب ان يرهبنا اعلام الاثارة
والتحريض عن الدفاع عن
مجتمعنا امام هجمة اصولية بدوية
شرسة، تريد ان تنزع عن مصر
وسطية اسلامها واعتداله وسماحته
وتفرده، ومن شاء منا حظه التعس ا
ن يشاهد حلقة برنامج الاتجاه المعاكس
التي ناقشت الاسبوع الماضي قضية ا
لنقاب وشيخ الازهر، لأدرك حجم هذه ا
لحملة الموجهة. فقد استضاف
الاعلامي السوري فيصل القاسم
بقناة الجزيرة القطرية، الباحث
في شئون الجماعات الاسلامية
الزميل عبد الرحيم علي، وشيخ سوري
يدعي عبد الرحمن كوكي،
حيث تحولت الحلقة كما هي العادة ا
لي وصلة من الردح والشرشحة
لمشيخة الازهر ولشيخيها الجليل ،
لولا بعض التدخلات التي انتزعها
عبد الرحيم علي، انتزاعاً للرد علي
ترهات المذيع والشيخ المحمومة
والجاهلة.
ويا شيخنا الجليل في مشيخة الازهر،
تمسك برأيك، بأن ارتداء النقاب ليس
فرضا في الاسلام ولا تتراجع عن قرارك
بمنع ارتدائه في المعاهد الازهرية،
وعلي المسئولين في كافة القطاعات
ان يكفوا عن التردد في تطبيق القانون
بحزم لمنع ارتدائه في الحيزالعام،
وتلك هي الخطوة الأولي لمواجهة
تلك الحملة المحمومة التي تسعي
بدأب لجر مصر الي عصور الظلام.
0 التعليقات:
إرسال تعليق