25‏/12‏/2011

الأصابع الخارجية

25‏/12‏/2011

كتب لينين الرملي

في صفحة أولي من صحيفة نسيت هل كانت قومية أو معارضة، قرأت خبرا عن محامٍ قدم بلاغا للنائب العام يتهم فيه إسرائيل بتدبير الاعتداء علي كنيسة القديسين بغرض إحداث فتنة بين المسلمين والمسيحيين.

هل ينتظر هذا المحامي أن يستدعي النائب العام رئيس وزراء (العدو) لمحاكمته في مصر؟!. ألم يفكر أن هذا يعني جهل الأمن المصري و تقصيره أو تستره علي العدو؟.لكن لماذا يفكر وبعض الكتاب يرددون هذا صباحاً مساء. حقا لا يبلغون النائب العام ولكنهم يقصدون إبعاد الشبهة علي أي طرف أخر ويبلغون شعبنا لعله يتحرك ضد حكومته لتنتفض ضد العدو مثل سوريا المجاهدة.

الدليل الذي يملكه المحامي هو سؤاله الذي طرحه: من المستفيد من هذه الجريمة؟ و أجاب علي نفسه أن إسرائيل هي الطرف الوحيد المستفيد. بناء عليه هي التي دبرته.

الحقيقة أنه منذ اللحظة الأولي للحادث الإجرامي وأصوات ومقالات عديدة تكرر نفس النغمة سواء اتهمت إسرائيل مباشرة أو اكتفت بأن هناك أصابع خارجية وتركت للقارئ أن يترجم هذه المقولة حسب هواه. الأصابع الخارجية قد تعني إسرائيل (اليهودية) وقد تعني الخارج الأجنبي بصفة عامة كأمريكا والدول الغربية (المسيحية) والتي تتدخل في شئوننا.

ربما الدنمرك المتعصبة التي نشرت الرسوم المسيئة أو سويسرا التي رفضت بناء مآذنه فوق أحد المساجد عندها أو فرنسا التي منعت النقاب أو ألمانيا التي قتلت الشهيدة مروة الشربيني.

وقد تعني لا سمح الله مسلمين ليسوا بمسلمين كتنظيم القاعدة.ولكنها لا يمكن أن تعني مسلمين كحزب الله أو إمارة حماس أو إيران. أو التنظيم العالمي للإخوان المسلمين .وعلي النت نقرأ لمسلمين يقولون أن أقباط المهجر المصريين هم الذين اعتدوا علي احدي كنائسهم للإيقاع بين الطائفتين. حقا هم مصريون لكن لا شيء يمنع أن يكونوا خونة .

وعلي النت أيضا بيانات أخري تدعي الدفاع عن الإسلام وتشيد بالجريمة. كل هذا قيل وسوف يقال قبل أن تصرح جهات التحقيق المختصة وتحدد الجهة التي ستوجه لها الاتهام ثم تترك الحكم النهائي للقضاء.

هل هناك أصابع خارجية تقف خلف ما حدث؟. الإجابة لا تكون بنعم أو بلا إنما تكون : لم لا ؟. هل تكون هذه الجهة أو تلك مما ذكرت أعلاه؟. الإجابة المبدئية قبل أي تحقيق هي: لم لا؟.

لكننا لسنا محققين . وهو شيء نأسف له فكلنا نود أن نعمل بالمباحث والنيابة والقضاء! ولنا في سماحة السيد حسب الله في لبنان القدوة لولا أننا لا نملك تنظيما مسلحا مثله وهذا عيب حكومتنا التي لا تسمح لنا بذلك!.

أيا ما كانت اتهاماتنا لأي طرف فالغرض منه- لمن لا يعمل في الجهات المسئولة - ليس إصدار الأحكام ولكن هو النفي القاطع أن عندنا أي مشكلة!. فالفتنة الطائفية غير موجودة. أو هي علي أسوأ الفروض موجودة شويه بسيطة ولكن ليس هذا وقتها.

لذا يجب تأجيل النظر فيها. المهم الآن الوصول إلي الأصابع الخارجية. هذه هي معركتنا الحالية ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة وهو شعار الخمسينيات والستينيات قبل وبعد معارك 56 واليمن و 67 ومعركة الاستنزاف وطبقنا هذا الشعار بالفعل. لكننا لم نكسب أي معركة في ظله. والمعركة التي كسبناها في 73 كانت نتيجة لمراجعة الأخطاء التي وقعنا فيها.

اليوم هناك أصابع أجنبية (أي ليست عربية و ليست إسلامية) وراء ما حدث؟ أكرر. لم لا؟ ولنترك هذا لجهات التحقيق ثم للقضاء. لكن ما علينا نحن كشعب وحكومة أن ننظر داخلنا لا حولنا.

ننظر لنعرف هل هناك شبه فتنة؟ شبه تمييز كما يدعي بعض الأجانب وبعض الأقباط بل وبعض المسلمين المصريين الذين قد يصعب اتهامهم بالخيانة. لكن فجأة ارتفعت الأصوات تردد ليس هذا وقته، هكذا تقول الحكومة وتقول المعارضة. سبحان الله. لا بأس فلنرجئ اتخاذ أي إجراء إزاء هذا.

لكن تأجيل القرارات لا تمنع أن نفتح التحقيق في الأمر الذي لا بد أن يسبق أي إجراء. خذ عندك مثلا قانون إقامة دور العبادة الذي لم يظهر للنور منذ سنوات ولا مانع أن نؤجله عشر سنوات أخري .إحنا ورانا إيه؟ لكن ما المانع من إعادة مناقشته؟ ما المانع من مناقشة أي مشكلة موجودة أو حتي متوهمة لنقرر أنه لا توجد مشكلة؟

ربما الأقباط في مصر لا يطلبون هذا. أقول ربما لأننا لم نسألهم رأيهم. بينما هو أمر يخصهم كما يخصنا. كانت المعارضة تقول أن الحكومة تتخذ من الأخوان فزاعة تخيف بها الناس عندنا وتخيف بها أمريكا والغرب في آن واحد. فهل تصبح الأصابع الأجنبية فزاعة جديدة تمنعنا من مناقشة مشاكلنا الداخلية التي لا يصح فعلا لأي بلد أخر أن يتدخل فيها؟

الطريق الوحيد لقطع تدخل الدول الأجنبية في شئوننا الداخلية هي أن نناقشها نحن مناقشة علنية فنعطي للعالم كله درسا. لكننا بتأجيل مناقشتها نعطي للعالم كله فرصة كي يتقول علينا وإذا لم تشكل تصريحاته ضدنا ومطالباته لنا أي ضغط علينا فالمؤكد أننا لن نستطيع قطع لسانه.

وقد يقول المتطرفون عندهم في المقابل أنتم أيضا لا تتدخلوا في شئون فرنسا وسويسرا والدنمرك وألمانيا وليس عندنا أي اضطهاد أو تميز ضد المسلمين. وقد يقولون أن مصر ضمن بلاد أخري أضطرت فيها نسبة كبيرة من المسيحيين إلي الهجرة منها بسبب التمييز أو التعدي عليهم مثل لبنان والعراق ونيجيريا وطبعا جنوب السودان.

أنا أؤمن أنه ليس في الإمكان أبدع مما هو كائن عندنا. وأنه بالكشف العلمي علينا طلعنا زي الفل كما يقول الأطباء. لكن ما المانع أن نزيد كمالا فوق كمال وأن نصبح فل الفل ؟!



0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
lenin elramly ◄Design by Pocket, BlogBulk Blogger Templates