
أعلن حزب الوفد عن تكوين وزارة ظل مقلدا ما تفعله بعض أحزاب المعارضة في أوروبا. إذ ينتخب المعارض من بين أعضائه حكومة ظل ليتولوا نظريا الوزارات المختلفة ويعلن أسماءهم علي الشعب ليعرف الذين سينفذون برنامجه إذا فاز الحزب في الانتخابات التالية ووصل للحكم. ويستعد وزراء الظل منذ انتخابهم داخل الحزب فيدرس كل منهم أوضاع الوزارة المرشح لها فيتولي رقابة أعمال الحكومة ونقدها في البرلمان وفي نفس الوقت يضع المشاريع والخطط التي تطورها ليعمل علي تنفيذها عندما يتولوا الحكم. ومن مزايا هذه الفكرة أن يتجنب الحزب حدوث خلافات علي الحقائب الوزارية بعد وصولهم للسلطة.
لكن عندنا فوجئنا بأن مجموعة من الساقطين في الانتخابات من ثمانين عضوا من أحزاب مختلفة ومستقلين لموا نفسهم وأعلنوا عن تكوين مجلس شعب قطاع خاص! وبمعني آخر برلمان ظل. لا ينتظرون وصولهم للحكم في الانتخابات القادمة ولكنهم سيمارسون عملهم من الآن بجوار البرلمان المنتخب وهي فكرة تثبت أننا شعب مبدع، والحاجة أم الاختراع، والحاجة هنا هي حلم هؤلاء الأعضاء بمقاعد النواب والتي كانوا يستحقونها من وجهة نظرهم طبعا، لولا التزوير. وهكذا قرروا أن يعتمدوا علي أنفسهم. الطريف أنهم أطلقوا علي تكوينهم هذا اسم البرلمان الشرعي. مدعين أن البرلمان الحالي ليس شرعيا لأن الكثير من الدوائر زورت نتائجها.
فما هي شرعية برلمانهم؟. هو لم يتكون نتيجة انتخابات بطول مصر وعرضها ولكن بطول وعرض القاعة التي اجتمعوا فيها. لموا بعضهم وانتخبوا أنفسهم بأنفسهم !. فإذا كان رأيهم أن المعارضة تتمتع بأغلبية أكثر من الحزب الحاكم فكيف يمثلهم 80 عضوا فقط؟. لقد كان نواب المحظورة وحدها في انتخابات 2005 أكثر من ثمانين . فإذا أجري برلمان الظل انتخابات لاختيار رؤساء اللجان ورئيس المجلس ووكيليه فالسؤال من يضمن شفافية هذه الانتخابات وعدم تزويرها؟. أم سيطلبون مراقبة دولية والناخبون هم نفسهم النواب؟! وهل الدعوة مفتوحة لغيرهم ليصبحوا نوابا؟ وما شروطها؟ وهل يقبل في تشكيلته نوابا من الحزب الوطني حتي يكتمل تمثيل كل التيارات؟! أم سقط عنهم شرط الجنسية المصرية؟
ربما كان الأصح أن يسموا هذا التجمع بالحزب الشرعي لا البرلمان. لكن كيف يكون حزبا وهو مكون من تيارات متعارضة ومتناقضة؟ هل سيكون به كوتة للمرأة أو الأقباط ؟ أم أن نواب المحظورة لهم الأغلبية وسيعارضون هذا؟. هذه أول مرة يتكون فيها برلمان يجمع المطالبين بالديمقراطية بلا انتخابات فقد انتخبوا أنفسهم لينتزعوا الديمقراطية ويهدوها للشعب!
وهل يكتفي برلمان الظل الشرعي بانتقاد الحكومة الحالية أم يعلن لجماهيره الغفيرة من كل اتجاه وتيار عن وزارة ظل ؟ بالطبع ستكون هذه الوزارة الشرعية وزارة ائتلاف تتكون من أعضاء الأحزاب المنضمة لبرلمانهم فقط فالواضح أن هذا شرط الدخول فيه.
عن نفسي بصفتي مواطنًا متفرجًا، انتظر هذا البرلمان بفارغ الصبر وأدعو وسائل الإعلام لنقل جلساته علي الهواء مباشرة .والسماح للقنوات الفضائية كالجزيرة والبي بي سي وقناة حزب الله وبقية القنوات الديمقراطية الشريفة. ويمكن أن يبيع برلمانها حقوق بث جلساته مقابل مبالغ محترمة. أريد أن أري كيف سيتحاور عضو المحظورة مع العضو الناصري طالبا تعهدا بعدم تعذيب الإخوان المسلمين كما فعل عبد الناصر. وإطلاق حرية قتل رؤساء الجمهورية و رؤساء الوزارة و القضاة بالرصاص،وكيف سيرد عليه الناصريون فيتهمونهم بأنهم جماعة غير ديمقراطية يقبلون يد مرشدهم وكونوا تنظيما سريا إرهابيا ورغم أن عبد الناصر حل كل الأحزاب لكنه لفرط طيبته ظنهم جماعة وليس حزبا إرهابيا. وهنا يتدخل النائب الوفدي ليسأل الناصري هل يفتخر بحل عبد الناصر للأحزاب وتعطيل الدستور وإلغاء مجلسي الشعب والشوري لسنين؟ فيصرخ الناصري كالعادة: اخرسوا يا أعداء الشعب يا أعوان الاستعمار والعهد البائد.
يا رأسماليين يا إقطاعيين. فيدير الوفدي وجهه ويخاطب أعضاء الإخوان طالبا منهم التعهد بأن يكونوا ليبراليين!. فيكون ردهم إن شاء الله.! ويقسمون علي المصحف والمسدس بالتزام الليبرالية حتي يصلوا للسلطة!. أما المأزق الحقيقي والفرجة الممتعة فهي علي منظر الأعضاء المستقلين وهم يختلفون مع الجميع فتتفق الأغلبية علي فصلهم من البرلمان لأنهم ليس لهم مبدأ.
وقد يتجنبون هذا حتي لا يصبحوا فرجة للعالم فيؤجلون خلافهم إلي أن يصلوا للحكم.
ويكتفون بعمل واحد هو التنديد بالحكومة الحالية وبالنظام كله. وهنا سيصاب الناس بالملل لأنهم اعتادوا هذا التنديد من كل حزب علي حدة. وهم يقرءون ويسمعون ويشاهدون منذ سنوات صنوفا وأنواعا من السب والردح للحكومة والنظام في الصحف المصرية بما فيها القومية أو الحكومية لو شئت وبعض الصحف الأمريكية والغربية والإسرائيلية وطبعا في بعض القنوات الفضائية العربية الديمقراطية التي ذكرتها.
إذن سيبقي أن العمل الإيجابي الوحيد الذي سيقومون به هو التصويت علي دستور جديد يضمن تداول السلطة لكل هذه الأطراف بالدور.
كل حزب ياخد له مدة! و إلا تعاركوا بالأيدي والأقدام.
يبقي أن التزوير وشراء الأصوات والبلطجة حدث في حالات كثيرة في تاريخ الانتخابات عندنا ولكنه يحدث من كل الأطراف وكل واحد وشطارته!. والناس عندنا لا تنتخب هذا المرشح أو ذاك علي أساس عقائدي أو حزبي غالبا وإنما علي أساس أسري وعشائري وقبائلي. وعندما سقط المفكر أحمد لطفي السيد في الماضي كما شرحت في الأسبوع السابق لم يكن لاعترافه بأنه ديمقراطي بل لأن الناس تجهل معني الديمقراطية وتظن أنها تساوي الكفر، وحتي لو فهموا الحقيقة فإن ذلك وحده لم يكن يضمن له الفوز بالضرورة.
ويبقي أن الأغلبية العظمي من الناخبين في الانتخابات الأخيرة كالعادة لم يذهبوا أصلا للانتخابات. أما البرلمان الشرعي بشرطة فلن يخرج عن برامج التوك شو!
0 التعليقات:
إرسال تعليق