لينين الرملي
حتى اليوم لا نعرف من الذي أحرق مكتبة الإسكندرية في الزمن القديم. ولا من أشعل حريق القاهرة في عهد فاروق. وأحرق دار الأوبرا في عهد السادات و مبني مجلس الشورى الأثري في عهد مبارك. ولم نعلم للآن من كاد أن يحرق المتحف المصري في ثورة 25 يناير . وكذلك لن نعرف من أحرق المجمع العلمي السبت الماضي.
وعطل وصول قوات المطافئ لعشر ساعات وهي علي بعد أمتار منه. ولا يذكر تاريخنا الذي يدرسه طلاب المدارس والجامعات من أحرق الحضارة المصرية القديمة كلها. بردياتها التي حوت كل المعارف والعلوم ودمر تماثيلها ومسلاتها ومعابدها ورسومها وكسر أنف أبي الهول!. ولا من أحرق الثقافة المصرية الحديثة منذ ستة عقود.
نعرف فقط من سرق تراثنا وهم الفرنجة الذين أعلنوا ذلك بكل فخر ويحتفظون بهذا التراث في متاحفهم ومكتباتهم ومجمعاتهم العلمية ويعرضون بعضه في أبرز ميادينهم بكل اعتزاز. فشكرا لهم !.ونحمد الله أنهم يرفضون إعادتها لنا, فهي عندهم في أمان وينوبون عنا في تبيض وجه مصر أمام جميع الأمم.
جاء نابليون بونابرت إلي مصر متأخرا! فكلف العلماء الذين رافقوه بوضع كتب في وصف مصر.. آثارها وطبيعتها ومحاصيلها وناسها وحيواناتها وطيورها ونفض الغبار عن حضارتها, وحل شفرة لغتها فأعادوا لنا بعضا مما دونه قدماء المصريين وتم حرقه وهدمه وطمسه علي مدي القرون.
في حريق المجمع العلمي أحرقت كتب وصف مصر. فمن يجرؤ علي فتح التحقيق لكشف كل جرائم حرق تراث مصر القديمة والحديثة ؟ أو الجرائم التي ستحدث في الأسابيع والأشهر القادمة؟! وهل تم الكشف عن حرق عشرات الكنائس و قتل المتظاهرين و قتل روح مصر ونهبها وسرقة أراضيها وفي مقدمة كل ذلك تاريخها ؟.
للآسف لا يمكن أن نلجأ إلي محاكم العدل الدولية فدولة الخلافة العثمانية ( تحت الإنشاء) لن تسمح بهذا. فنحن عرب لا ننتمي لبقية جنس البشر الكافر ومصر في طريقها لتعود ولاية إسلامية والعلم فيها خطر أحمر. فلا علم ولا علماء إلا علماء الدين.
فإذا قيل إن البلطجية أو الفلول هم من أحرق المجمع العلمي فمن المسئول عن حمايته ؟.
أنها الحكومة ممثلة في الشرطة والدولة ممثلة في المجلس العسكري ثم الذين يحتكرون الدين ويعتبرون أن الثقافة خطر عليه!. لكننا نعرف الذين أحرقوا دور السينما ونوادي الفيديو في التسعينيات. والذين قتلوا فرج فودة وحاولوا قتل نجيب محفوظ وغيرهم من رموزنا الثقافية.ونعرف الذين حرضوهم ولم يعاقبهم أحد. وهم مازالوا ينبشون قبر نجيب حتى اليوم ويجاهرون بتصريحاتهم ضده وضد كل فن وأدب وفكر وعلم ويدعون لهدم الآثار الفرعونية أو بيعها باعتبارها أصناما وغطوا تمثال الحرية الحديث بالإسكندرية. ولكن الحكومة لم تتحرك لأننا نعيش عصر الديمقراطية علي الطريقة الوهابية بعد ثورة 25 يناير!.
السؤال الآن: من يجرؤ أن يضع كتابا في وصف مصر الحديثة التي نعيش لحظاتها؟.
لا شك أن هناك من يعكفون علي هذا لكنهم ليسوا من المصريين. فإذا أردنا أن نعرف شيئا عن الفترة التي نعيشها نستطيع الرجوع إلي مؤلفات نجيب محفوظ الذي رصدها ووصفها بإبداع. وعلينا أن نسرع بذلك قبل أن يحرق تراثه. فالبعض يعتبر العلم والإبداع نقيضا للثورة كما يفهمونها. في الماضي علموا طلابنا أن يتركوا مدارسهم وكلياتهم ويهتفون (اليوم حرام فيه العلم). وثورتهم مازالت مستمرة ضد العلم فهو حرام اليوم والغد وحتى ندخل الجنة.
وهم يسألون : إيه العلم دا ؟ هيروغليفي دا يا مرسي؟.
والإجابة: نعم فقد اخترعه المصريون قديما وعلموه للدنيا والبعض في الخارج لن يغفر لنا ذلك أبداً!. والبعض في الداخل ينتقمون لهم, وشعارهم أرفع رأسك (أو سيفك) أنت سلفي!
0 التعليقات:
إرسال تعليق