
كتب لينين الرملي
وقد سبق أن طالبتنا به من قبل كونداليزا رايس وزيرة خارجية أمريكا السابقة. كما سبق أن رفضت مصر ذلك وأعلنت أن عندنا ديمقراطية.
أما المعارضة عندنا من اليمين واليسار والإخوان فيطالبون بنفس الطلب الأمريكي أي الديمقراطية. مما قد يجعل المرء يميل إلي تكذيب الحكومة وتصديق المعارضة والأمريكان معا. لكن الغريب أن كل فصائل المعارضة تعارض السياسة الأمريكية في المنطقة وتلعنها بشدة وإن كانت لا تستشهد بأمريكا كحجة علينا بل تستشهد ببعض فصائل حماس وإيران وسوريا وغيرها من الديمقراطيات العربية المنتشرة حولنا! يتهمون مصر بأنها خاضعة للتأثير الأمريكي علي الدوام. وتري في نفس الوقت أنها لا تنفذ الديموقراطية التي تطلبها أمريكا منا!
لا تدرك هذه المعارضة أنها عندما تطلب الديمقراطية مثل أمريكا تضع نفسها في شبهة أنها هي التي تتأثر بأمريكا بل وتنفذ أجندتها وهو ما يشكل لغزا لا أستطيع أن أحله. فالواجب علي المعارضة أن تشكر أمريكا لأنها تطلب الديمقراطية للمصريين خصوصاً والمفترض أن هذا يصب في مصلحة المعارضة وحدها.
ويصبح لزاما عليها أن تعلن علي الملأ أن أمريكا تريد لنا الخير مثلهم لكي تتسق مع نفسها . أو عليها أن تعلن أن أمريكا تقصد بدعوتها مصر للديمقراطية إحداث فتنة بها!. لكن هذا سيعني أنهم سيكونون هم أبطال هذه الفتنة! أو أن الديمقراطية التي تعنيها المعارضة تختلف عن ديموقراطية أمريكا والغرب فتقول إنها تنشد ديمقراطية تصلح لبيئتنا. فتكون مثلا ديمقراطية اشتراكية كديمقراطية الاتحاد الاشتراكي العربي السابق. ربنا ما يعيدها ديمقراطية.
أو أنها ديمقراطية إسلامية كما تدعي الجماعة المحظورة. أو كديمقراطية الملالي في إيران أو أنها ديموقراطية مختلفة عن هذا وذاك ولكنهم لن يعلنوا عنها الآن بل عندما يصلون إلي السلطة لتكون مفاجأة سارة للشعب.
أو بما أنهم يدعون أن الحكومة تستجيب للمطالب الأمريكية فعليهم أن يسلموا أن الحكومة تمارس الديمقراطية فعلا تحت ضغطها! وعليهم عندئذ الاعتراف بـأن حكومتنا ديمقراطية وأنهم هم كمعارضة ضد الديمقراطية.أو أنهم مع الديمقراطية بشرط وصولهم إلي الحكم وعندئذ لا مفر من الاعتراف أنهم لم يصلوا للحكم بسب خيبتهم وافتقارهم إلي شعبية تجعلهم يفوزون بالأغلبية.
باختصار طلب الديمقراطية لمصر حلال إذا طلبته المعارضة وحلال إذا عايرتنا أي قوة لا ترجو لنا الخير بأننا نفتقرها إليها كحماس أو إيران أو سوريا وحزب الله أو الجزائر عندما يكون يينهم وبيننا مباراة في كرة القدم. لكنه حرام إذا طالبت به أمريكا لنا ودعتنا إليه وعرضت مساعدتها في تحقيق ذلك!. (بالمناسبة كل الأطراف السابقة تدعي أيضا أنها مستعدة لمساعدتنا! ). وبما أن هذه الأطراف الأخيرة عربية بما فيها إيران الفارسية ( اشمعني المصريين بقوا عرب ؟).فإني لا أشك لحظة في أن مصر صعبانة عليهم وبالتالي أفهم موقفهم وأشعر بالامتنان نحوهم.
وما قدرش أقول غير كده وإلا أصبحت أقبض من الحكومة. ورغم أني لا أعارض ولا أوافق، ولا أعمل بالسياسة وأحاول التفكير بحياد فلم أعثر علي أي حل لهذه الفزورة. أفترض علي سبيل الاحتياط أن دعوة أمريكا لنا للديموقراطية خلفها مؤامرة كي لا أخرج عن الصف العربي المناضل وأخسر سبوبة قد تأتي عن طريقهم. لكن يظل موقف المعارضة لغزا طبعا وماقدرش أقول إن المعارضة ضالعة في المؤامرة الأمريكية علينا.
مؤخرا قرأت خبرا علميا في صحفنا قد يحل اللغز. بعد إذنكم الحل لم يأت من عندنا ولا من عند نصر الله، وبعد إذنكم برضه الحل سيجيء من أمريكا.
وأعترف مقدما حتي أسلم من القيل والقال أنه مؤامرة أمريكية بامتياز أو كما يقول شبابنا مؤامرة آخر حاجة.
الخبر يقول إن العلماء في أمريكا يواصلون البحث عن اختراع يمكنهم من معرفة الأفكار التي تدور في ذهن الإنسان. إذا صح هذا يمكن حل كل الفوازير فنعرف ما في دماغ حكومتنا والمعارضة وحكومة الأشقاء اللي احنا صعبانين عليهم.
لكني سرعان ما استبعدت أن يخبرنا العلماء الأمريكان بما يتوصلون إليه عن الأفكار التي تدور في رءوس الناس في منطقتنا عربا ومستعربة. ويحتفظون به سرا ليستفيدوا منه. ثم قلت لنفسي: يعني هما الأمريكان مش عارفين إحنا بنفكر في إيه حكومة ومعارضة ومستنيين جهاز يقول لهم ؟!. أفكار منطقتنا مكشوفة تماما ولا تحتاج حتي إلي جواسيس. مكشوفة رغم أننا نخفيها وننكرها طوال الوقت وتكشف عنها تصرفاتنا طوال الوقت!
باقي الخبر يقول إن الخطوة الثانية بعد معرفة ما يدور في العقول ستكون محاولة العلماء التأثير علي هذه العقول لتغيير أفكارها وبالتالي سلوكها. وعندئذ فكرت.
تري ما الاتجاه الذي سيحاول الأمريكان أن يغيروا ما في أدمغتنا إليه؟ لم آخذ وقتا لكي أحل الفزورة وأجد نفسي أصيح مهللا مثل أرشميدس: وجدتها .. وجدتها. شوف يا عزيزي. الاحتمال الأول أن تحاول أمريكا تغيير ما في رءوسنا من أفكار وخطط أيا كانت إلي أفكار وخطط أخري تأخذ بنا إلي الأمام وتجعلنا نتقدم.
وطبعا استبعدت هذا الاحتمال كلية. قلت الاحتمال الأقرب والوحيد هو أن تلعب أمريكا في رءوسنا لمصالحها.. ومصالحها فقط حتي لو كان في هذا تأخرنا أكثر أو حتي هلاكنا. وهنا هتفت.. وجدتها.. وجدتها. أمريكا لن تغير أي أفكار في أدمغتنا..بل ستتركها كما هي. وهي لعمري مؤامرة آخر حاجة تثبت مدي كراهية الغرب كله لنا ومع ذلك لا نستطيع في هذه الحال إلا نقول: عداها العيب!
0 التعليقات:
إرسال تعليق