28‏/12‏/2011

السيارة ترجع إلي الخلف

28‏/12‏/2011

-
لينين الرملي

كان وقت الغروب قد اقترب عندما فوجئ الناس بتوقف حركة المرور المتجهة نحو تمثال نهضة مصر فتكدست السيارات والأتوبيسات وحتى التوك توك. مر وقت طويل والموقف علي حاله, فقد تعود الناس من آن لآخر علي تحمل مثل هذه المواقف بصبر.
لكن بعد فترة تململ أصحاب المركبات فراحوا يدقون آلات التنبيه حتى اكتشفوا غياب شرطي المرور.
نزل بعضهم يستطلع الأمر فوجدوا في المقدمة سيارة دفع رباعي فاخرة واقفة بعرض الطريق وقد سدته. ظنوا أن بها عطلا وحاول بعضهم عرض المساعدة. لكن نوافذ السيارة كان بداخلها ستائر سوداء مسدلة تمنع الرؤية. ثم خرج من السيارة الصوت الآلي المسجل بالتحذير المعروف. (السيارة تعود إلي الخلف). وراح الصوت يتكرر برتابة.
عادت المركبات تدق آلات التنبيه. لكن بعض الرجال ظهروا من الأمام وراحوا يطلبون من الناس بأدب شديد (ارجع يا أخي الكريم. لا فائدة. الطريق إلي الأمام مغلق). استفسر الكل عن السبب, قيل لهم إنه كانت هناك مظاهرة كبيرة ونتج عنها معركة شرسة بالسلاح الآلي
وقنابل المولوتوف وبعض التسالي بقذف الحجارة وترتب علي ذلك غلق الطريق لبعض الوقت للقيام بأعمال صيانة وإصلاح للطريق ولذلك فالسير إلي الأمام باتجاه جامعة القاهرة أصبح غير مأمون العواقب.
تكرر النداء ثانية ولكن هذه المرة من ميكروفون كبير في يد رجل ضخم الجثة بجلباب أبيض.
(السيارة ترجع إلي الخلف.. علي الجميع العودة إلي الخلف بسرعة). سأل الناس كيف يذهبون إلي مصالحهم أو يعودن إلي منازلهم, فرد بأن هناك طريقا مختصرا سيفك الأزمة بإذن الله بمجرد العودة إلي الخلف.
استسلمت الأغلبية للأمر الواقع وبدأوا رحلة التقهقر إلي الوراء ثم الاستدارة للسير في الاتجاه المضاد, إلا بعض القلة أبي واستنكر وراح يصرخ محتجا بأن هذا الأمر غير معقول وغير منطقي ويتطلب وقتا طويلا وستتعطل مصالح الجميع. لكن الرجال المرشدين الذين كانوا يناشدون السيارات العودة للخلف أصبحوا أقل أدبا وراحوا يصرخون في الناس (ارجع للوراء منك له. أرجعوا فهذا خير لكم) ثم اشهر بعضهم السيوف في وجه كل من اعترض.
بعدها ظهرت من الأمام عدة موتوسيكلات تمر بسرعة من بين صفوف المركبات وراح راكبوها يدقون زجاج نوافذها بغضب ويشيرون بالعودة إلي الخلف. راحت كل المركبات وحتى السائرون علي أقدامهم ينفذون الأوامر ويرجعون إلي الخلف.. وفجأة انفجر إطار سيارة محدثا فرقعة كبيرة فسحبها البعض وقذفوا بها إلي الرصيف. لكن عندما تلاه انفجار آخر , زاد تراجع الكل بسرعة خوفا من شر مستطير لا يعرفونه.
حاولت بعض المركبات أن تهرب إلي شوارع جانبية ضيقة لكنها كانت كلها قد سدت بسيارات قديمة متعطلة وأكوام من الحجارة. ويئس البعض فترك سيارته ومشي تاركا إياها للسلب والنهب. وغابت الشمس ووصار الجو عاصفا مثيرا للأتربة ودخل الليل فعم الظلام وإذا بالجو يتقلب ليصبح شديد البرودة, عندئذ توقف الركب كله وأغلق الجميع نوافذ سياراتهم عليهم وراحوا في غفوة.
أشرق صباح اليوم التالي وأفاق الناس علي شمس حارقة فهربوا من مركباتهم ليجدوا أنفسهم في صحراء شاسعة لا تبدو لها نهاية. تسارع الجميع ليقضوا حاجتهم. وظهر رجل علي جمل بذقن طوية وشارب محفوف يشخط فيهم. (ادخل الخلاء يا رجل بقدمك اليسري وأخرج بسرعة لأن الشيطان يكون بجوارك, وإذا تثاءبت غطي فمك بيدك فورا حتى لا يتبول الشيطان فيه). وظهر رجل مثله لكن له هيبة وكان أعوانه يقبلون يده, وخطب في الناس فقال (لا تنزعجوا ففي ظرف أيام معدودة سيصلنا من أمريكا خيام مكيفة الهواء وملايين من زجاجات المياه المعدنية المثلجة وكل ما تشتهي الأنفس من لحم هبر وجواري ببض حسان وغلمان).

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
lenin elramly ◄Design by Pocket, BlogBulk Blogger Templates