يقوم «في بيتنا شبح» الذي يقدم على خشبة «ميامي» في القاهرة على حبكة بسيطة في ظاهرها المتعلق بميراث تركه جد لأحفاده. هذا الميراث ليس أكثر من بيت كبير. لكنّ الورثة الذين يلتقون للمرة الأولى عند قراءة الوصية يفاجأون بشرط يلزمهم بالعيش معاً في البيت الذي لا يجوز لأحد بيعه منفرداً. خلال تجربة العيش المشترك، يكتشف الورثة أنه لا مناص من قبول الاختلاف ليس فقط للاستمتاع بالثروة بل لمواجهة «شبح» يطاردهم لإجبارهم على ترك البيت.
يمضي النص الذي كتبه لينين الرملي لتقصّي هوية الشبح، مستغلاً خبراته
في الكتابة الكوميدية، ومستعيداً الثيمة التي اشتغل عليها في «عفريت لكل
مواطن» (قدمته عبلة كامل أوائل التسعينيات). اتسم النص ببنية متماسكة
ومكثفة انحاز فيها الرملي إلى كوميديا الموقف. لكن في معالجته، تعامل
المخرج عصام السيد مع النص ودلالاته المباشرة بأدوات تقليدية تفتقر الى
الخيال وتراهن على أبطال العرض. أدى ماجد الكداوني الذي تربى في المسرح
القومي بحرفية شخصية الحفيد المثقف الذي يمتلك وعياً يشكك في التصورات
الغيبية التي يروّجها زوج ابنة عمه الممثل سامي مغاوي الذي بدا متألقاً في
دور الزوج المستبد الطامع في الثروة. يعمل الأخير على تزييف وعي زوجته
(سلمى غريب) وقهرها باستخدام الدين. وبين النموذجين، يتحرك بقية أفراد
العائلة، أولهم الصحافي المتردد (محمد رضوان) الذي يقدم المعلومة على هوى
من يشتريها ويخفي مرض شقيقه كطريقة لضمان استغلاله في المساومة على
الميراث. الى جوار هؤلاء، يقف ابن العم (سيد الرومي) الفقير الراغب في
الثروة ورجل الأعمال المهدد بالافلاس. أدى الدور أشرف عبد الغفور الذي
استطاع تطويع أدواته كممثل تقليدي لتنسجم مع الحيوية التي بثها على المسرح
أداء بقية الممثلين، خصوصاً أميرة عبد الرحمن. لم تغب الرسالة التي أراد
لينين الرملي إيصالها، وهي الانتصار للعقل. ولعلها الرسالة التي قدمها في
«أهلاً يا بكوت» مع عصام السيد قبل 10 سنوات حول ضرورة حماية الوطن/
البيت. فالبيت مهدد من الأشباح والغزاة الذين يمنحهم العرض ملامح وهابية،
ومهدد من غزاة الداخل ممَثّلين في تجار الدين وفساد رجال الاعمال
والاعلاميين. ولا طريق للنجاة سوى بالطريق الذي يختاره الشباب الواعي
وتغليب سبل العيش المشترك.
0 التعليقات:
إرسال تعليق