01‏/09‏/2009

امرأة جميلة‮.. ‬بلهاء‮!

01‏/09‏/2009




كتب لينين الرملي

‮ ‬رمضان عندنا شهر العبادة والصوم والزكاة وفي نفس

الوقت شهر الإعلانات والنصب باسم المسابقات وبرامج الاستظراف وموائد الرحمن التي يتخلف عنها قذارة الشوارع والأرصفة،‮ ‬وعند البعض هو من الأشهر الحرم التي يمسك فيها عن العمل‮! ‬ثم هو الموسم الكبير للتسول‮! ‬والاثنان وجهان لعملة واحدة‮. ‬فالمتسول لا يعمل ويأخذ ممن يعمل‮. ‬والموظف الذي لا يعمل يأخذ أجرا لا يستحقه‮. ‬

المتسول قد لا يجد قوت يومه‮. ‬أو يجد هذا أسهل من أن يعمل عند أحد‮. ‬يجمع القروش القليلة آخر النهار،‮ ‬فإذا بها عشرات الجنيهات, ينفق منها القليل،‮ ‬فقد تسول أيضا الملبس والمأكل ثم يحتفظ بالباقي‮. ‬بمرور الوقت تتحول الجنيهات إلي مئات الألوف. يخبئها في صفائح صدئة أو بلاليص مش‮. ‬لا يفكر أن يفعل أي شيء آخر،‮ ‬فهو لم يعرف ماذا يفعل بحياته‮ ‬غير تكديس النقود،‮ ‬فاستغلالها في عمل أو حتي تحسين مظهره فيه خراب بيته،‮ ‬لأنه لن يجد بعدها من يحسن إليه‮. ‬وأخيرا يموت تاركا ما ادخره‮. ‬وهكذا عاش فقيرا ومات فقيرا‮.

‬ القانون يجرم التسول‮. ‬ولكن التسول شغال علي ودنه بجميع الأساليب‮. ‬

القانون لا يجرم عمليات كثيرة تحقق ثروات ضخمة من المضاربة في البورصة إلي الأعمال التجارية والمؤسسات الصناعية والزراعية والعقارات إلخ‮. ‬وبالطبع يتمتع كل الأثرياء الذين يقومون بهذه الأعمال بالذكاء والجرأة والصبر والتعرض للمخاطر،‮ ‬وإلا لما وصلوا للثراء،‮ ‬وهم يشغلون ملايين العمال والموظفين والفنانين والعلماء والمهندسين والأطباء والكتبة،‮ ‬لكن ذكاءهم لا يفوق ذكاء عصابات المافيا أو تجار السلاح وتجار الدعارة واللصوص والمختلسين والمبتزين والمقامرين والقتلة والجماعات الإرهابية،‮ ‬وكلها تشغل الملايين أيضا وتحقق ثروات ضخمة رغم أن القوانين تجرمها‮. ‬وأيضا الإجرام شغال علي ودنه ومعظمهم يفلت من العقاب‮. ‬

سواء كان الأثرياء من الفئة الأولي التي تعمل بالحلال أو الثانية التي تعمل في الحرام فهم جميعا يكنزون الأموال في البنوك وغيرها من الأصول ويموتون تاركين ثرواتهم عند باب القبر‮. ‬

فكما أن المتسول الفقير لم يعرف من الحياة إلا طلب المزيد من المال واكتنازه‮. ‬لم يعرف الثري إلا نفس الشيء،‮ ‬ربما يكون متخرجا في كبري الجامعات‮ (‬في الخارج طبعا‮) ‬لكنه علي هذا النحو يعيش جاهلا ويموت جاهلا‮. (‬وماله ؟ جاهل‮.. ‬جاهل بس أعيش‮ ‬غني‮). ‬الرد بليغ‮ ‬وقد يبدو واقعيا،‮ ‬فالغني يأخذ طائرته الخاصة ليحصل علي أفضل علاج ويشتري كلية وكبد وقرنية وقلب لجسده إذا اعتل،‮ ‬ويتمتع بالنفوذ واحترام الناس وحبهم وقد يعمل بالسياسة والكل يخدمه فيوفر جهده ووقته ويصبح ديناصورا‮.

‬ولكن العالم مليء بالديناصورات الذين يعملون بالحلال و الحرام‮. ‬وهو مضطر أن ينافسهم ليكسب أكثر منهم أو يدافع عن نفسه حتي يأكلهم قبل أن يأكلوه،‮ ‬والناس في الحقيقة لا يحبونه وإنما يرهبونه فينافقونه وهم يحسدونه ويشمتون فيه إذا وقع،‮ ‬وفي هذه المعركة قد يضطر أن يتنازل عن كبريائه وعن أشياء كثيرة حتي لا يخسر بعض أمواله أو كي يزيدها‮ ..‬ومثلهم السائر البحر يحب الزيادة‮.

‬ التسول إغراء وكذلك الثروة‮. ‬كالخمر،‮ ‬قد يصبح إغراءا يشربه بعض الناس فيغريهم بالمزيد من الشرب حتي الثمالة فيتطوح السكير صائحا بنشوة‮ (‬هيه أنا جدع‮). ‬وهكذا يتطوح البعض قائلين‮ (‬هيه أنا ملياردير‮.. ‬أو أنا متسول‮)! ‬

والثروة إغراء كإغراء الشباب الذي يجعل بعضهم يندفع ولا يتوخي الحذر فيموتون في الحوادث أكثر من كبار السن‮. ‬وفي المعركة من أجل المال ولا شيء‮ ‬غير المال يفقد الثري أعصابه وبالتالي صحته ويندفع لشراء كل‮ ‬ ‬شيء بالمال،‮ ‬الصحة والنقود والسمعة والنفوذ والحب ويظن أنه ذاق طعم الحياة،‮ ‬فالناس تحسده وتهابه وتحقد عليه،‮ ‬بينما لا أحد يحسد أينشتاين مثلا أو ألفريد نوبل‮. ‬بعض الأثرياء يظن أن الثروة هوية وجنسية بل وطن‮. ‬

لا هدف لهم إلا جمع المزيد من المال‮. ‬المال وسيلة لتحقيق الأهداف،‮ ‬فإذا صارت هي الهدف أصبح الأمر مضحكا ومبكيا معا،‮ ‬وعادة مثل هؤلاء يخدعون أنفسهم بالتصالح معها،‮ ‬لا لسبب إلا أنه لا وقت عنده إلا للتفكير في تكديس أموال أكثر‮. ‬فمتي يجد الوقت ليجلس مع نفسه أو ينظر داخله ؟ وهكذا لا يدرك مدي تفاهته والخواء الذي يسكنه‮. ‬

في النهاية يموت المتسول ويموت الثري وكل منهما قد عاش فقيرا‮. ‬ يقول المثل‮ ( ‬الفقر ريحته وحشة‮) ‬وهذا صحيح أحيانا‮. ‬ والثراء كذلك أحيانا‮. ‬

الفرق أن التسول امرأة قبيحة‮. ‬بينما الثراء أحيانا ما يكون امرأة جميلة بلهاء‮..‬ولا تعرف أنها بلهاء‮! ‬

أغلب الناس تسخر من قول‮ ( ‬الفلوس مش كل حاجة‮). ‬

لكن إذا كانت الفلوس هي كل حاجة‮. ‬

فماذا يكون الإنسان ؟ ولا حاجة؟ الظاهر كده‮. ‬

اللحم والدجاج والأسماك أغلي سعرا من الإنسان،‮ ‬والبدله الشيك والسيارة الفخمة والملاعق الفضة والكلب اللولو‮ ‬كلها برقبة أي راجل أو ست أو جمع من البشر،‮ ‬هي أشياء في سبيلها نبذل الغالي والرخيص‮. ‬

طبعا من يفضل المرأة الجميلة البلهاء التي لا تعرف أنها بلهاء ولا يعرف هو أنها بلهاء هو أكثر بلاهة منها ويعيش ويموت ولا يعرف أنه كذلك‮! ‬

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
lenin elramly ◄Design by Pocket, BlogBulk Blogger Templates