31‏/08‏/2011

قطعًا مؤامرة‮!

31‏/08‏/2011

كتب لينين الرملي

سؤال قديم يلح علي‮ ‬دائما قبل أن أكتب‮. ‬إذ أسأل نفسي‮: ‬لماذا أكتب أنا أو‮ ‬غيري بينما الناس في بلادي لا يقرءون ؟‮. ‬ثم أعود وأرد علي نفسي قائلا بأن الناس الذين لا يقرءون وبالتالي لا يكتبون‮... ‬يتكلمون.والكلام بمثابة كتابة منطوقة بدلا من المدونة علي الورق‮.

‬تحاول نفسي إحراجي بسؤال آخر قائلة‮: ‬الناس في بلادك كما ينسون ما قالوه أو سمعوه بعد قليل ولا يتذكرون أيضا ما كتب من أيام أو شهور فضلا عن سنين وذلك رغم اختراع الأجهزة التي تسجل الكلام‮ ‬والكتابة والصور‮. ‬صحيح أن كل ذلك أصبح متاحا أمامنا نستطيع الرجوع إليه ولكننا لا نرجع‮. ‬فإذا رجعنا له لا نراجعه أي نعيد التفكر فيما قلنا أو ما كتبنا‮. ‬ بهذا لا تكون هناك فائدة تذكر للكتابة التي لا يقرأها الناس ولا يرجعون لها ولا فائدة للكلام لأن الناس أيضا يتكلمون ولا يسمعون بعضهم‮. ‬

لكن كما أن النباح‮ ‬من ضرورات الحياة للحيوان‮. ‬فالكلام أو الكتابة من ضرورات الحياة للإنسان‮. ‬فمن خلال ذلك ينفس الإنسان عن نفسه ويعبر عن مشاعره وأفكاره ويتوهم أنه بذلك يحقق وجوده أو يتأكد من وجوده‮!. ‬وأي سلطة ذكية تعلم أن تنفيس الناس ولو قليلا في حدود وفي ظل قيود كثيرة أفضل من فرض الصمت علي الناس لأنه يجعلهم ينفجرون ويقفون في طوابير كطوابير العيش تطالب بالكلام والكتابة‮. ‬ثم إنهم بعد أن يتكلموا أو يكتبوا أو حتي يهتفوا‮ (‬في الحدود التي تكلمنا عنها‮) ‬يتعبون أو يشبعون وقد أخذوا بعض نصيبهم من التعبير عن مشاكلهم وأحلامهم وبالتالي يمكن أن يذهبوا للنوم وقد فعلوا ما عليهم أو ما يقدرون علي عمله والباقي علي الله‮. ‬وبما أنني من الناس فمن الصعب علي‮ ‬أن اخرج عن ذلك‮. ‬ثم إن السكوت عن الكلام أو الكتابة لا معني له ولا يؤدي إلي شيء أفضل‮. ‬

يصبح السؤال الذي يتجدد‮: ‬فيما أتكلم أي اكتب اليوم؟‮. ‬

أكتب عادة ما يهمني لحظة الكتابة و ما أراه من وجهي نظري مهماً‮.

‬ ولكني من حين إلي آخر اسأل نفسي‮: ‬ولماذا لا اكتب عما يهم الناس؟‮.

‬ وهكذا جلست أفكر ما الذي يشغل الناس في هذه الأيام؟‮. ‬

بالطبع أغلبية الناس تشغلها مشاكل أساسية من سندويش الفول والطعمية‮ ‬ إلي العمل والمواصلات والسكن والزواج والأمن الخ‮. ‬ولكن هذا كله قديم جدا بحيث تعودنا عليه في كل الأوقات‮. ‬ومن قبل الثورة المباركة في عام‮ ‬52‮ ‬والكل يجمع علي أن مشاكلنا يمكن تلخيصها في‮ (‬الفقر والجهل والمرض‮) ‬ولم يتغير الوضع حتي هذه اللحظة‮. ‬الصحف تتحدث منذ فترة عن أنفلونزا الخنازير وعن المصل وعن الدواء الذي قد يجعلنا ننجو منها وهل سنجده أم لا‮. ‬لكن لا يبدو أنه القضية التي ينشغل بها كل الناس‮. ‬

لكن الصحف لا تتحدث كثيرا عن أنفلونزا حوادث السيارات التي ستقتل عددا أكبر من ضحايا الخنازير وهو ما يحدث منذ أعوام ولا ينتظر أن يقل أعداد هؤلاء الضحايا بل من المتوقع أن يزداد عاما بعد عام‮. ‬

والناس أيضا علي حق في عدم اهتمامهم كثيرا بهذه المشكلة فهم لا يستطيعون حلا لها لأنهم ليسوا في موقع المسئولية لكي يجدوا لها حلا‮. ‬بل هم يشتركون في هذه الكارثة بإهمالهم عند عبور الطريق أو عند قيادة السيارات بأنواعها‮. ‬وبالتالي فكل ما يحدث لنا هو قضاء وقدر‮.

‬المسئولون الذين لا يختارونهم هم هذا القضاء المكتوب عليهم ولازم تشوفه العين, وبالتالي فالحوادث التي تقع كنتيجة لذلك هي القدر‮. ‬والقدر اختبار من الله لعباده المؤمنين‮. ‬وفضلا عن أن المؤمن مصاب فهو لابد أن يحمد الله علي كل حال‮. ‬أما إذا قرأت الصحف في الأسابيع الأخيرة تتخيل أن مشكلة الناس الملحة هي معركة اليونسكو‮. ‬فمعظم الكتاب يكتبون فيها ويتكلمون في الإذاعة والتليفزيون ويتكلم فقراء المثقفين في المقاهي الرخيصة وأغنياؤهم في الفنادق الفاخرة‮. ‬لكني لا اعتقد أن أغلبية الناس يتكلمون فيها‮. ‬بل أزعم أنهم لا يعرفون ما اليونسكو أصلا‮. ‬

وصول مرشحنا إلي إدارة اليونسكو لا يهمهم بقدر ما يهمهم وصول فريقنا لكرة القدم إلي كأس العالم لا الجزائر‮. ‬وقد اخترت الكتابة عن ذلك انحيازا إلي الأغلبية فقد علمتني الحضارة العربية أن أكون ديمقراطيا‮!.

‬ ومنذ فترة نشبت حرب إعلامية وإليكترونية بين قراصنة من البلدين يتبادلون فيها الهجوم علي المواقع الراعية للمنتخبين لتعطيلها.وتهديدات متبادلة‮. ‬منها مثلا أننا سنهزمهم‮ ‬9‮/‬صفر‮!!. ‬

الجزائر دولة عربية مسلمة تقع في قارتنا الأفريقية‮..‬دعمنا ثورتها ضد المحتل الفرنسي وعاقبتنا فرنسا علي ذلك‮. ‬والبلدان لهما نفس الرؤية في جميع القضايا المصيرية‮. ‬فلماذا يكون بيننا معركة حول مباراة في كرة القدم لم تبدأ بعد؟‮. ‬

المنطق يقول إنه لابد أن في الأمر مؤامرة, بالطبع ليست من جانبنا أو من جانبهم للأسباب التي ذكرتها‮. ‬فكرت من عدونا؟ عدونا علي مدي قرون هو الغرب وأمريكا وإسرائيل.فهم ضد حضارتنا وثقافتنا وهويتنا ثم هم متعصبون كما ظهر ذلك في معركة اليونسكو‮.

‬ إذن هي قطعا مؤامرة من هؤلاء الأعداء حتي لا يصل فريق منا لكأس العالم‮.


فمع من يا تري يقف الأعداء؟ في صفنا أم صف الجزائر؟‮. ‬


وهل المؤامرة ضد مصر أم الجزائر ؟ أم هي ضد مدرب منتخبنا أو منتخبهم فقط؟‮. ‬الإجابة عن هذه الأسئلة هي واجب قومي علي الكتاب والمثقفين عندنا‮!. ‬ويبقي عليهم أن يشرحوا للجماهير التي ستتابع المعركة الكروية في البلدين مصدر المؤامرة الاستعمارية حتي لا تحدث وقيعة بين الشعبين الشقيقين كما حدث ذلك من قبل عدة مرات‮! ‬

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
lenin elramly ◄Design by Pocket, BlogBulk Blogger Templates