
كتب لينين الرملي
كأس العالم لكرة القدم هي أهم ما يشغل بال المواطن المصري الآن.
وحسب بعض المتخصصين الاستراتيجيين هو أحد مظاهر الحراك الاجتماعي والسياسي في مجتمعنا. فالناس من كل الطبقات والأعمار يتبادلون الحديث فيه علانية وبأعلي صوت يتناقشون ويختلفون حول الدولة التي يشجعونها ويحللون المباريات ويتوقعون النتائج ويجري كل هذا في جو هادئ يخلو من التعصب والشجار والعصبية ولا ينتج عنه أي ضرر.
وحسب مصادر مطلعة لم تعلن عن اسمها عقد اجتماع طارئ هذا الأسبوع ضم المسئولين عن كرة القدم ، الهدف منه إدخال البهجة والفرحة علي الناس بالاستعداد من الآن لبلوغ نهائيات كأس العالم القادمة.
بدأت الجلسة فوقف الكل في دائرة ووضعوا أياديهم علي أكتاف بعضهم البعض ونكسوا الرءوس في الأرض وقرأوا الفاتحة معا أسوة باللاعبين قبل بدء كل مباراة ثم بدأ الاجتماع بطرح سؤال كيف نتقدم بمستوي اللعبة عندنا؟ توالت الاقتراحات الخاصة بالبنية الأساسية وتلخصت في ضرورة استيراد ملاعب ترتان وعدد هائل من الكرات الجديدة التي اعتمدت في كأس العالم الحالية ليتدرب ويلعب بها الكبار والناشئون واستيراد أطقم ملابس جديدة وأحذية تليق بمنتخبنا وأجهزة اتصال بين حكام المباريات والمساعدين لهم. باختصار استيراد كل ما يمت بأي صلة بهذه اللعبة. وقد تمت الموافقة علي هذه القرارات بالإجماع وفي زمن قياسي.
بعدها تحدث أحد الأعضاء عن فريق فرنسا الذي تأهل للمونديال بهدف غير صحيح في مرمي فريق ايرلندا جاء من لمسة يد واضحة من لاعب فرنسي وهو ما أثبته شريط تصوير المباراة واعتراف اللاعب نفسه بعدها ورغم ذلك لم يأخذ اتحاد كرة القدم العالمي (الفيفا ) باحتجاج ايرلندا وطلبها بإعادة المباراة. راح كل الحاضرين في التفكير في كيفية معالجة هذا الخطأ. البعض طالب بأن يقسم جميع اللاعبين قبل المباراة بعدم لمس الكرة باليد وبهذا نضمن العدالة.
ثم دار نقاش حول قلة عدد الأهداف فاقترح البعض حلا لهذا زيادة مساحة المرمي نصف متر. اعترض البعض وبعد مناقشات حامية اتفقوا أن يسمح لكل فريق أن يكون لديه حارسان للمرمي إذا شاء علي أن يظل عدد اللاعبين أحد عشر. ولتجنب أخطاء الحكام القاتلة يسمح للاعب أن يشوح في وجه الحكم أو يصرح برأيه في ذمته باعتبار أن حرية الرأي مكفولة للجميع بشرط ألا يسب أو يقذف. فإذا سب أو قذف يتولي مجلس إدارة ناديه وحده توقيع ما يراه من عقوبة مالية أو غيرها أو الاكتفاء بلفت نظره.
عن الخشونة بين اللاعبين اتفقوا أنها نتيجة طبيعية لانفلات أعصاب اللاعبين وهم من البشر وبدلا من قانون طرد اللاعب بعد إنذارين في مباراة واحدة تصبح ثلاثة إنذارات، عملا بقاعدة أن التالتة تابتة. أما عن قانون التسلل الذي يتسبب في إلغاء بعض الأهداف الجميلة، يكون للحكم الحق في عدم احتساب التسلل إذا كان الهدف الذي جاء من تحرك تكتيكي جميل وملعوب ببراعة وذلك حتي لا يتسبب عدم احتسابه في إحباط الجماهير أو اللاعبين أنفسهم. ولعدم توقف اللعب كثيرا بسبب خروج الكرة خارج خط التماس طرحت فكرة عدم احتساب (الأوت) إذا ظلت الكرة تحت سيطرة اللاعب بعد خروجها من خط التماس ولم تذهب لمدرجات الجمهور.
انتهي النقاش وبقي رفع توصياته إلي المسئولين لتقريرها وهنا نشأ الخلاف حول الجهة التي لها حق إقرار التوصيات. مجلس الشعب أم المجلس الأعلي للرياضة أم اتحاد كرة القدم المصري؟ سأل أحدهم هل نخطر الفيفا؟ لكن الجميع صاحوا فيه أن هذا شأن داخلي بحت. في النهاية تم الاتفاق علي إخطار كل الجهات المعنية وحتي غير المعنية مثل الاتحادات والنقابات خاصة اتحاد الكتاب ونقابة الممثلين والمحامين والصيادلة وغير ذلك. لكن خرج أحد الأعضاء غاضبا ليرفع قضية طعن بعدم دستورية التعديلات الجديدة التي أدخلت علي قانون اللعبة.
في نهاية الاجتماع سجد جميع المسئولين شكرا لله تعالي علي نتيجته، أسوة بمنتخبنا المعروف بمنتخب الساجدين.
انتهي الخبر والمتوقع أن ينقسم الرأي العام حول التعديلات وينعكس ذلك في مقالات الكتاب في الصحف والتي لن يقرأها أحد . بينما يتجمع الناس حول مئات من برامج التوك شو في الفضائيات حول الموضوع وتظهر في البرامج الدينية والبيت بيتك فتاوي مختلفة أبرزها أن التعديل لم يستغل الفرصة لتحديد طول شورت اللاعبين وجعله تحت الركبة. وتقوم قلة من جماهير الكرة بعمل مظاهرات ووقفات احتجاجية ضد القانون الجديد، وتظهر جماعات أخري علي النت والفيس بوك تنادي بالعكس. ويسأل الصحفيون نجوم الكرة ونجوم الفن من الممثلين والمطربين والراقصات. ويتفق الجميع علي الشق المادي الذي اقترح تخصيص 30 مليارا لاستيراد ما تم الاتفاق عليه من مهمات رياضية. لكن وزير المالية يصدم الجميع صدمة هائلة بتخفيض الميزانية إلي خمسة مليارات لا غير.
ويصرح بعض المفكرين الاستراتيجيين بأن الخلافات والمشاحنات والقضايا تعد دليلا علي حيوية المجتمع. ويكفي أننا بهذا ندخل التاريخ باعتبارنا من اخترع الكرة أو علي الأقل ساهمنا في تطوير هذا الاختراع. لا يهم أن يأخذ به العالم فلنا هويتنا الخاصة وعليه أن يحترمها.
الموقف معلق حتي الآن في انتظار إجراء تصويت ديمقراطي علي قانون اللعبة بندا.. بندا والمتوقع إقرار بعض بنوده لا كلها. فالحل الوسط يرضي كل الأطراف. وهو كالتعادل في مباراة لا تكسبها ولكنك لا تخرج منها مهزوما.
وبما أننا في الصيف والجو حار. اسأل لماذا لم نفكر حتي الآن في اختراع الثلاجة؟!
0 التعليقات:
إرسال تعليق