27‏/12‏/2011

الإشارة حمراء.. لا تتوقف

27‏/12‏/2011

كتب لينين الرملي

زيادة الخير خيرين ..وعندنا في كل مجال خير واتنين وأربعة وربنا يزيد ربنا يبارك خذ عندك مجال القضاء. نعرف أن القضايا حتي المستعجلة منها تأخذ أياما وأسابيع فما بالك بالتي تظل منظورة لشهور وسنوات خاصة إذا وصلت لمحكمة النقض؟، ولأن البطء في العدالة ظلم. ولأن النخبة عندنا تتميز بالابتكار والابداع والاجتهاد في البحث عن كل ما هو جديد بعكس العالم المتخلف، ثم هي ثورية لا يرضيها الظلم لذلك حققت في هذا المجال فتوحات متتالية.

نسمع عن قضية سترفع أمام المحاكم وعلي الفور تنشأ عدة محاكم أهلية للنظر فيها بسرعة. فتأتي بالمتهم ويترافع عنه أحدهم ويواجهه ممثل للنيابة أو الادعاء ويتوسطهم القاضي ولا يشترط في كل هؤلاء أن تكون لهم علاقة بالمحاماة والنيابة والقضاء.

يستمع ممثل دور القاضي للجميع ويوجه لهم الأسئلة ويناقش شهود النفي والاثبات بالإضافة لبعض أصحاب الآراء في مداخلات تليفونية سريعة، وتتميز المحاكم الأهلية بأن وقائع المحكمة تجري أمام ملايين المشاهدين لشاشات التليفزيون.

والمحكمة لا تستغرق إلا جلسة واحدة. هي علي طريقة المحاكم الأمريكية يترك الحكم لجمهور من المحلفين، لكن في حالتنا هم كل من شاهدها. قلت أنها محاكم أهلية لأنها ليست رسمية. قطاع خاص يعني. ويمكن تسميتها أيضا بالفضائية بحكم أنها تعقد وتذاع بغرض بثها علي العالم.

في نفس القضية يصدر بعد شهور أو سنوات حكم المحاكم الرسمية غير عابئ بكل المحاكمات التي جرت في الاستوديوهات المكيفة فما فائدة المحاكمات التليفزيونية؟

الفوائد عظيمة فالإعلانات التي تسبق المحاكمات تدر الكثير من الأموال. ثانيا هي فرصة للمتهم لكي يقنع الناس بالبراءة أو تقنعنا النيابة بجريمته وذلك قبل صدور حكم المحكمة ويتمتع كل من لعب دور المحامي أو دور النيابة بالشهرة مجانا فأصحاب المحطات يتنازلون ولا يأخذون منهم أي مقابل.

أما القاضي مقدم البرنامج فهو سيد الكل وتاج رأسهم يطرق علي المنصة بعد أن يترك المحامي والنيابة يقاطعان بعضهما طالبا السكوت. أو انتظر سأعطيك المجال. أو يقول بوقار لو سمحتم بلاش نستخدم الألفاظ دي احنا في قناة كذا.

من حق كل الناس مناقشة القوانين قبل صدورها وبعد صدورها وأن يعترضوا عليها في أي وقت وبأي طريقة في الصحف والفضائيات والمؤتمرات إلخ. ومن حق الناس وكذلك الحكومة أن تدعو لإلغاء القوانين أو سن قوانين جديدة. وواجب الناس والدولة تنفيذ القوانين حتي يتم تغييرها. وتغييرها يكون بواسطة السلطة التشريعية التي تمثل الشعب، وبمعني أدق أغلبيته. هل يحتاج المرء أن يكون محاميا أو قانونيًا ليدرك هذا؟

أما «عدم تنفيذ القوانين» فيعرض المسئول عنه لمحاسبة سواء كان المواطن أو أي جهة حكومية.

وكما تقدم الشرطة والنيابة من يخالفون القانون للمحاكم.. يستطيع أي مواطن أن يرفع القضايا ضد الحكومة إذا لم تنفذ القوانين. فيحكم علي المواطن أو علي الجهة الحكومية بعقوبات منصوص عليها. لكن «الدعوة إلي عدم تنفيذ القوانين» الموجودة بالفعل فليس من حق الناس أو الحكومة والفرق كبير بين أن تخالف إشارة المرور الحمراء وتنطلق بسيارتك وتتلقي العقوبة المقررة.

وبين أن تدعو الناس إلي عدم الوقوف عندما تكون الاشارة حمراء. فإذا سألك أحدهم. إيه اللي بتقوله دا يا سيد؟ قلت: حرية رأي. حقوق إنسان.. ديمقراطية.. شفافية إلخ.. فأنت في هذه الحالة تدعو إلي عصيان مدني يحول النظام إلي فوضي.. إذ ما معني القوانين إذا كنا لن ننفذها؟ القوانين قد تكون ظالمة وأحكام المحاكم قد تكون ظالمة. ولكن الحل الوحيد هو تغيير القانون بنفس الطريقة التي سبق وأقرت به الأغلبية القانون القديم. لم يصل العالم حتي الآن حسب معلوماتي لنظام أفضل. اللهم إلا النظم الثورية التي لا تلتزم بأي شيء تجاه الناس إلا منعهم من الكلام أصلا.

شاهدت مؤخرا محاكمة أهلية علي قناة البي بي سي العربية حول الدعوة التي رفعها وزير المالية علي الصحفي الأستاذ وائل الابراشي يتهمه بتحريض الناس علي عدم تنفيذ قانون الضريبة العقارية، حضر المتهم وأمامه علي الناحية الأخري الصحفي الأستاذ نصر القفاص.

في النهاية لم يصدر القاضي الوقور حافظ المرازي حكما.. فهو متروك لجمهور المحلفين الذين يشاهدون البرنامج. المهم أن المحكمة الحقيقية لم تحدد جلسة الحكم بعد، أنا شخصيا هاجمت قانون الضريبة العقارية ولا أزال. وبغض النظر عن أي حكم يصدر في قضية الأستاذ الإبراشي.

فرأيي أن حكم التاريخ سيكون قاسيا علي وزير الضريبة لأنه عند تطبيقها سيدعو عليه ملايين المصريين والطبقة المتوسطة قبل الفقيرة وبدون أن يحرضهم أحد علي العصيان. ولأنه سيلحق الوزير بما سجله الجبرتي في تاريخه عن سلفه البرديسي الذي خرجت المظاهرات تهتف ضده «ايش تاخد من تفليسي يا برديسي؟».

أطال الله عمر الوزير ليقرأ بنفسه هذا الحكم الذي لا أتمناه لعدو أو حبيب. لكنني لا أدعو الناس لعدم دفع الضريبة. ولن أمتنع عن دفعها حتي لو أفلست. وغالبا سيتضح عدم دستورية قانونه كما حدث مع القانون الذي جبي الضريبة من العاملين من الخارج وتم إلغاؤه.

يبقي أن الصحفي من حقه العمل بالسياسة كأي مواطن آخر. لكن إذا فرضنا جدلا أن الصحفي علي رأسه ريشة. فإننا نذكره في هذه الحالة بأن السياسي ليس علي رأسه ريشة وما يفعله أو يقوله أو يكتبه محسوب عليه في إطار القانون.

بوسعك أن تتخطي الاشارة الحمراء وقد يكون لك عذر. وقد لا يراك شرطي المرور. أو تدفع مخالفة بسيطة لكن لا تدعو الناس لمخالفة الاشارة. فالعقوبة لا شك أقسي. ليس لمن يفعل هذا فقط بل للنظام. وبدون نظام لا توجد دولة إنما فوضي. والفوضي يدفع ثمنها الناس حتي الذين لم يفعلوا أي شيء.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
lenin elramly ◄Design by Pocket, BlogBulk Blogger Templates