لينين الرملي
في مواجهة التيار الليبرالي الذي عرفته مصر في مطلع القرن الماضي ظهر التيار الديني مع حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان في عام 1928 لمقاومته، كان العالم المتقدم قد اسقط فكرة الدولة الدينية دون رجعة، وقد استغل الإخوان جو الديمقراطية والليبرالية ليدعو لدولتهم المعادية للديمقراطية،
ساعدهم في ذلك نسبة الأمية المتفشية ليلعبوا علي وتر الدين الذي هو أقرب لعموم الناس بطبيعة تكوينهم من تلك الأفكار ذات الأسماء الأعجمية، خاصة مع وجود محتل إنجليزي وحولوا المعركة معه إلي معركة بين الدين الإسلامي ودين المحتل، وتجنبوا تكوين حزب لهم حتى لا يعترفوا بهذه الديمقراطية الغربية, واكتفوا منها بحرية العمل ليسقطوها، فدعوتهم قائمة علي ديكتاتورية للمرشد العام يقبلون يده وينفذون ما يأمر به من أصغر تفصيل في الحياة إلي قتل من يأمرهم المرشد بقتله وهو ما فعلوه مرات.
كانت الدولة العسكرية في الغرب قد سقطت أيضا، لكن في 23 يوليو 52 قاد عبدالناصر انقلابا عسكريا فكان أول ما فعله هو إلغاء الحياة السياسية وحتى الآن، فأوقف العمل بالدستور وحل مجلسي الأمة والشيوخ وسحق الرأي الآخر وأقام المحاكم العسكرية وحل كل الأحزاب عدا جماعة الإخوان.. بل سعي لاستئناف علاقته بهم لأنه احتاج لهذه الجماعة المنظمة لتساعده في القضاء علي الليبرالية.وساندته هي حتى لا يصبح لهم منافس سوي حكمه.. كانت علاقتهما أشبه بالزواج العرفي السري أو زواج المتعة المؤقت. وعندما تمكن البكباشي من القضاء علي الليبرالية انتهي شهر العسل ووقع الصدام بينه وبين الإخوان.. وشجع نجاح ناصر علي انتشار الانقلابات العسكرية في البلاد المجاورة عدا تونس الليبرالية وبعض الملكيات الدينية التي لم يسقطها العسكر.. الهدف النهائي للجماعات الدينية إقامة الخلافة الإسلامية.. الهدف النهائي للدولة العسكرية استبدال هدف الخلافة الإسلامية بخلافة عربية اسماها البكباشي بالقومية العربية ليزايد علي الإخوان.. وظلوا هم يحتفظون بتنظيم عسكري سري لوقت الحاجة، ولم يتغير الأمر مع السادات، ففي لحظة استعان بالإخوان وانتهي الأمر بقتله بواسطة جماعة دينية متطرفة، وكما جاء ناصر بالسادات جاء السادات بمبارك الذي حاول أن يأخذ موقفا وسطا، وبدأ بإحالة قتلة السادات إلي محاكمات عادية خرج بعضهم منها إلي تنظيم القاعدة مباشرة.
بالنسبة لأمريكا والغرب لا يفرق معهما الحكم العسكري من الديني أو الليبرالي.المهم الحكم الذي يحقق لهم مصالحهم أكثر، لذلك سعت أمريكا للتواصل مع الإخوان سراً والآن أصبح هذا بفضل الثورة علنا يعترف به الإخوان والأمريكان.
لم يخاطر مبارك بتغيير خط من سبقه، كان عندما تتعقد بعض مصالحه مع أمريكا والغرب يستخدم الإخوان والتيار الديني فزاعة ليفضل الليبراليون عندنا والغرب حكمه علي مجيئهم.
لم يكن يريد ليبرالية ولكنه كان يدعيها ولا حكما دينيا ولكنه كان يسمح لهم ببعض الحرية، وكان آخر من أدلي بتصريح ضد الإرهاب بعد ثالث مؤامرة لاغتياله شخصيا، إما قبلها فقد ترك التصريحات لوزارة الداخلية باعتبارها تكافح الجريمة العادية، أما الشباب الذين قاموا بثورة 25 يناير فكان همهم الأول إسقاط مبارك ولم يلتفتوا إلي أن القوة المنظمة هم الإخوان والسلفيون وقريبا تنظيم القاعدة العالمي.. أما النخبة من المفكرين الأحرار الذين لا يملكون إلا بعض كلمات لا يفهمها الناس فقد فقدوا أي أهمية بداية من عصر ناصر, بل كانت النظم السابقة تستغلهم بقصد وبلا قصد لتزيين وجهها, وقال مبارك عنهم (خليهم يتسلوا).. التظاهر والإضراب والاعتصام سهل، علي الأقل الآن, ومتاح لجميع التيارات،العمل والتخطيط والحشد هو الصعب، والأصعب منه هو الوعي، وأخيرا أمام الشباب الذين صنعوا الثورة أن يختاروا.
1- حكم العسكر.
2- الحكم الديني.
3- حكم حديث كالعالم المتقدم، السؤال إجباري، والباقي من الزمن شهور قليلة. الرسوب قد يعقبه ملحق, لكن بعد أعوام لا يعرف عددها إلا الله.
0 التعليقات:
إرسال تعليق