في الستينيات استولي (سلطان) علي السوق بالقوة واحتكره لنفسه وبذلك صار هو المعلم . وكان (إرشاد) أصغر أولاده وقرة عينه هو مشكلته لأنه أجهل منه. فكر فغير اسم الولد إلي (إعلام) وعينه مديرا لدعايته. ولما أراد تزويجه اختار له ابنة عمه اليتيمة وهي البنت (ثقافة) وقصد باختيارها قطع ألسنة الناس التي ادعت همسا أن سلطان لفق لأبيها قضية سكر وعربدة فاعتقل بحكم قانون الطوارئ وقتها ومات كمدا ومات في محبسه ,ومشي المعلم في جنازته.
قال البعض في سرهم أن (زواج إعلام من ثقافة باطل) خاصة والبنت راشدة لكن المعلم كان وكيلها في العقد وشهد أنها موافقة. عاش الزوجان عدة سنوات. الواد إعلام لا يعجبه اهتمام ثقافة بالأدب والفن والمسرح والموسيقي والفلسفة وجميع الأمور التي لا يفهمها, واشتكي لأبيه أنها تتعالي عليه فأتي له بشهادة دكتوراه مزيفة في الأدب والفن لم تحصل هي عليها. راح إعلام يصول ويجول في كل الميادين فاعترف له الناس بأنه دكتور وبأنه ذكي. عندئذ صدر قرار المعلم بطلاق إعلام من ثقافة علي أن تبقي في بيته حرصا علي سمعة العائلة، وأطلق يد إعلام في الزواج كما يشاء من عربيات أو أعجميات شريطة أن تكن منتقبات أو متحجبات حتي لو كن من الراقصات.
>>>
السطور السابقة فكرة مسرحية لم تكتمل في ذهني ولذلك لن أكتبها!.
لكني أكتب الآن عن سبب اقتحامها لرأسي وهو الخبر المنشور منذ أيام يقول ( قرر د. أشرف زكي وكيل أول وزارة الثقافة والمسئول عن قطاع الإنتاج الثقافي تقديم ثلاثة عروض مسرحية خلال المرحلة المقبلة تروي قصة أربعة من القمم الفنية والأدبية والثقافية وهم أم كلثوم وعبد الوهاب ونجيب محفوظ ثم الشاعران أحمد شوقي وحافظ إبراهيم. العروض الجديدة سيشارك في إنتاجها دار الأوبرا واتحاد الإذاعة والتليفزيون). وهي مجرد بداية ( لسلسلة من العروض المسرحية التي تتناول قصة حياة المبدعين في شتي المجالات تقديرا وعرفانا بما قدموه).
كلمة المسرح تستدعي فورا كلمة الدراما. فهل هذا المشروع يتبع فن الدراما أم يتبع فن الإعلام؟. هل يئس وكيل الوزارة من مسرح وزارته فقرر البحث عن وظيفة أخري في وزارة الإعلام ؟.أم أنه يتبني استراتيجية تري أن الدراما في خدمة الإعلام؟.
هل النصوص المسرحية تكتب بالطلب أو بالتكليف؟. هل المسرحيات تكتب كي تروي قصص أي شخص بغرض تمجيده أو بغرض تحقيره؟.
المسرح يعرض الصراع الدرامي لشخصياته. صراعها الداخلي تحديدا. والدراما لا تقصد هذا الشخص أو ذاك لكنها تقصد الإنسان والإنسان هنا هو الجمهور. ليس الجمهور الحاضر للعرض في زمن ومكان وحقبة سياسية معينة. بل ليكون جاهزا للعرض دائما متخطيا المكان والزمان والعقائد السياسية والدينية. ولهذا تترجم المسرحيات الجيدة لكل اللغات وتعيش مئات السنين ليعاد عرضها في كل أنحاء العالم. المسرح لا يعرفنا بالشخصيات التي صنعت الأمجاد ولا أحداث التاريخ لنأخذ الدروس والعبر. الأفلام الوثائقية تجعلنا نري صورهم الحقيقية وهم يتحركون بدلا من جهد تقليدهم بواسطة ممثلين.المسرح لا يعطينا معلومات وإجابات عن أسئلة بل هو يثير الأسئلة. وهي أسئلة تتميز بقيمة مطلقة تظل حية نعيد التفكير فيها مهما اختلف الزمان أوالمكان.
في الدراما الإغريقية قبل التاريخ الميلادي لم تكتب المسرحيات بالطلب أو بالمناسبة لتخلد أو لتحتفل بالملك أوديب, ولا حتي بسقراط. ولم يقصد شكسبير و جوته وموليير وشو وغيرهم أن يحكوا قصص هاملت وعطيل وروميو وجولييت وفاوست ويوليوس قيصر. والمتفرج لا يصفق لهم ولا يحبهم أو يكرههم وإنما يتأسي لهم ويتأمل أفعالهم فيبدأ محاولة التعرف علي نفسه .
كتب أرسطوفانيس كوميديا (ليزاستراتا) عن الحرب بين بلده أثينا وعدوتها اسبرطة فلم يخلد هذه الحرب أو يحتفل بها ولم يشن حربا علي الورق ضد عدوه رغم أن الحرب كانت قائمة وهو يكتب ويعرض المسرحية بل ناقش منطق الحرب وطرحه علي جمهوره و جمهور الأعداء. وجمهوره حاضر حتي الآن فنحن نعرضها اليوم فتضحكنا علي حماقة الحروب. وقس علي ذلك كل المسرحيات. وجملة (سلسلة من العروض المسرحية) التي جاءت في كلام السيد الدكتور الوكيل والنقيب ورئيس العديد من المهرجانات المسرحية جملة ملتبسة. فكلمة (العروض) تعني أشياء مختلفة فقد تكون عرضا للأزياء أو عرضا للجيش أو عرضا موسيقيا أو راقصا أو عرضا بوليسيا للمشتبه فيهم.
وهناك عروض السيرك والكرنفالات والموالد .أما العروض (المسرحية) فلم تخلق للاحتفال بشخصيات لتعريف الناس بأمجادهم عرفانا لهم، ولا تصح حتي أن تكون في إطار مسرحة المناهج للبالغين أو الأطفال لأنها ستعطي للطلبة نموذجا سيئا لمفهوم الدراما وتلحقه بالإعلام والدعاية والمهرجانات وحفلات التكريم ولهذا من المنطقي أن يكون المشروع مع اتحاد الإذاعة والتليفزيون ولكن غير المنطقي أن يكون مع دار الأوبرا أو أي قطاع له علاقة بوزارة الثقافة.
الأستاذ الدكتور النقيب والوكيل الأول لوزارة الثقافة ورئيس قطاع الإنتاج الثقافي والممثل والمخرج ورئيس عموم مهرجانات مصر.. اسمح لي هذا ليس عملك. الفرق كبير أن يكون حال مسرحنا لا يسر وبين أن نطمس مفهوم المسرح نفسه بمحو مفهوم الدراما.
لماذا لا تترك مهمة الإعلام للإعلام وقد أجادها علي مر تاريخه؟ أو لماذا لا تنتقل لتعمل بالإعلام؟. عن نفسي أتمني أن أراك وزيرا في وقت قريب.. لعل المسرح يصبح أفضل حالا عندما لا تكون مشرفا عليه بشكل مباشر!. وسواء أصبحت وزيرا للثقافة أو للإعلام أو كليهما معا.
وياللا نقول للزمان.. ارجع يا زمان!
27/12/2011
الواد إعلام.. والبنت ثقافة!
27/12/2011
كتب لينين الرملي
التسميات:
مقالات الاستاذ
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات:
إرسال تعليق