28‏/12‏/2011

ديمقراطية الثلاث ورقات

28‏/12‏/2011

لينين الرملى



فى الموالد، خاصة التى يقال عنها إنها (مولد وصاحبه غايب) يكثر الذكر الكريم والأشعار وجماعات الزار وتتحول فى الوقت نفسه إلى أسواق رائجة للأكل والشراب والبيع والشراء وفتح المندل وقراءة الغيب وألعاب الحواة والنشل والغش الحلال وخطف العيال. وعيل تايه يا ولاد الحلال. ومن ظواهره أن يقف شخص يقلب بسرعة فى يده ثلاث ورقات كوتشينة
على ظهرها ويصيح ليجمع الناس حوله (قرب.. قرب. فتح عينك.. تاكل ملبن. اللى يدفع جنيه ويختار ورقة وتطلع صح يكسب عشرة جنيه. ياللا يا محترم.. تختار الشايب ولا الولد ولا البنت؟).
يتقدم الناس تباعا واحدا بعد الآخر فيدفع الجنيه أولا ويشير على ورقة يختارها. لكن فى العادة يخيب توقعه فيمشى وبعضهم قد يراهن مرة ثانية وثالثة ويخسر أكثر فيخرج من اللعبة نادما. ولكن قبل أن ينفض الناس يكسب أحدهم مرة ومرتين وينصرف فرحا فيتشجع غيره ويقبل على الاشتراك فى اللعبة ربما كان حظهم كهذا المحظوظ. لكن هيهات إلا من قلة من المحظوظين من وقت لآخر. وينتهى العرض بأن يكسب من يدير اللعبة أكثر من الجميع. ويستسلم الخاسرون أمام براعته فى خلط الأوراق بالإضافة إلى أن هذا هو حظهم وهذه إرادة الله!
والديمقراطية التى نلعبها الآن فى مولد الثورة، أشبه بلعبة الثلاث ورقات.
أمامنا ثلاث ورقات بثلاثة صور، وكل منا يختار الورقة عن وعى أو لا شعوريا حسب ميوله ووضعته وثقافته. فالخائف من الفوضى ويقنع بمجرد الستر، يختار صورة (الولد) الذى يرمز لحكم العسكر. والمتدين الذى يخاف من شيخه ومن دخول النار ويطمع فى الجنة وكيلو لحمة فى الحياة الدنيا، يختار الشايب الذى يشبه المشايخ ويرمز للحكم الدينى. والشخص الذى يكره الاستبداد ويطمع فى الحرية والكرامة يختار البنت التى ترمز إلى الحكم المدنى.
العسكر قلة فى أى أمة لكنهم قوة مسلحة قائمة على إصدار الأوامر من الرتب الأعلى إلى ما تحتها ومهمتهم الدفاع عن الوطن عندما تصدر لهم الأوامر من السلطة السياسية التى وافقت عليها الأمة، والشرطة أيضا أقلية مسلحة ولهم نفس النظام بإصدار الأوامر من فوق لتحت. ومهمتها تنفيذ قرارات الشعب وأحكام المحاكم والحفاظ على الأمن.
والناس فى بلادنا متدينون بينما رجال الدين قلة على رأسهم فى الإسلام شيخ الأزهر والمفتى وفى المسيحية البابا وكبار الأساقفة. ومهمتهم التوعية الدينية، دون إصدار الأوامر بطرد الناس من الجنة فهم من البشر مثلنا وليسوا من الأنبياء أو الملائكة وهم أنفسهم يختلفون فيما بينهم ونحن نحفظ أن فى اختلافهم رحمة.
المدنيون فقط يشكلون الأغلبية فى أى أمه منهم القضاة وهم مستقلون مهمتهم الفصل فى المنازعات. وباقى الشعب من العمال والفلاحين والمهنيين والموظفين والعلماء والأدباء والفنانين الخ وصولا إلى لاعبى الكرة والعاطلين.
(قرب. قرب فتح عينك تاكل ملبن ياللا يا محترم، تختار دولة عسكرية ولا دينية ولا مدنية؟). خدعوك فقالوا إن كله ممكن يكسب بشرط شطارته فى اختيار الورقة الصحيحة فى لعبة الانتخابات الديمقراطية الشريفة.
فعندما قال أنصار البنت: نحط شروط الأول لهذه اللعبة حتى لا يستغلها البعض فى النصب.
قال أنصار الولد: ماشى بس أنا كمان أحط شروط خاصة بوضعى.
وقال الشايب: لا أنت ولا هو وإلا أهد المولد فوق دماغكم أنتم الاتنين.
وفجأة أتفق الولد مع الشايب على تجاهل كلمة (مدنية) التى كان متفقا عليها، فحذفت ورقة البنت من اللعبة وبقى الولد والشايب ليتنافسا وحدهما. لكن أنصار البنت ثاروا فأشتبك معهم أنصار الولد بينما وقف أنصار الشايب يتفرجون شامتين ينتظرون الربح ليصفوا معه. فهل يكسب الولد أم يكسب الشايب؟! بقى أن القلة المحظوظة الذين كانوا يكسبون من النصاب ويظهرون على فترات متباعدة، هم شخص واحد يختفى ثم يعود متنكرا فى هيئة ورداء مختلف وهو بالطبع شريك النصاب ويقاسمه الربح فى أخر النهار عندما ينفض المولد.
فهمنا الفولة؟ ولا نقول كمان؟

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
lenin elramly ◄Design by Pocket, BlogBulk Blogger Templates