نبدأ الكلام عن مشاكلنا فلا ننتهي, فمشاكلنا متلتلة.كأننا نسكن في بيت مكركب كل أجهزته معطلة تحتاج إلي إصلاح. و يفضل أن نلقي بها بعيدا.
مشكلة رغيف العيش - الغموس مؤجل لخطة خمسية قادمة - وقلة الأجور والمواصلات والتعليم والمياه والكهرباء والغاز والقمامة والصحة والصحافة وأنا وأنت.. إلخ.
كلنا يعدد المشاكل ويضع الحلول لها كلها معا. وقد جربنا عشرات الحلول خلال ستة عقود، فقد وضعتها السلطة العسكرية الشعبية الديموقراطية الاشتراكية, ثم نفذتها بنفسها دون أي اعتراض منا ولهذا السبب نجحت هذه الحلول نجاحا ساحقا فأصبحنا أقوي قوة رادعة في المنطقة وقدنا العالم الثالث وتحققت لنا الرفاهية وأوشكنا أن نبني (تماثيل رخام ع الترعة وأوبرا في كل قرية عربية) ولم تكن هذه مجرد أماني وكلام أغان إنما هي بر تاني..
يا معداوية.. يا معداوية!. وإذا لم تكن تصدقني أرجع إلي صحف وتليفزيون الجمهورية العربية المتحدة وما بعدها. وأتحدى أن تجد صوتا واحدا أعترض علي هذه الإنجازات أو كذبها باستثناء أواخر عصر مبارك الذي لم نعترض إلا عليه!.فقد ثار أغلبية الشعب كل منهم ينادي بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وأن يكون كل منهم مبارك!.
الآن الكل ساخط. ومع كل ذلك فالأغلبية تري أن المشاكل كلها يمكن أن تنحل في يوم وليلة إذا حلت مشاكله هو!.حقا حددها رئيس الجمهورية الحالي فقال اصبروا مائة يوم وهتشوفوا.هنشوف إيه بالظبط ؟ الله أعلم. لكن دي وصفة سهلة.. ودي وصفة هايله. طبعا مائة يوم في عمر الأمم أقل من ثانية. ومر أول شهر ولا شيء يقول إننا سنحل أزمة واحدة.ربما كان يتكلم عن مشروع النهضة,لأنه الأسهل, لكن ربما كان يتكلم عن حل مشكلته هو وجماعته فقط وهي مشكلة التمكين للقبض علي كل الأمور أو مشاكله هو مع بعض جماعته كالمرشد والنائب!.
طبعا المائة يوم تكفي لعمل كل شيء وأي شيء. لكن يبدو أن سخطنا هو سخط العظماء والعباقرة. وهو ما يعني أننا رغم شكوتنا ننكر تماما أن عندنا مشكلة واحدة! ولا أقصد مصر فقط , بل الأمة العربية كلها. والدليل هو الكلام عن استعادة القدس لتصبح عاصمة للخلافة الإسلامية والتي لم يكذبها الرئيس الحالي. ومشروع الناصريين الأكثر تواضعا لتحقيق القومية العربية وتوحيد القارة الإفريقية تحت زعامتنا وكل ذلك له الأولوية ويتقدم علي مشاكلنا المصرية البسيطة.
في نهاية عام 1970 بدأت كتابة مسرحية «بالعربي الفصيح» ليمثل شخصياتها أربعة عشر طالبا عربيا يدرسون بالقاهرة ثم توقفت عن تكملتها لأني خمنت أنهم سيجبون عن تمثيلها خوفا من سلطاتهم .وبعد أكثر من عشرين سنة استأنفت الكتابة وعرضتها في نهاية عام 1991 بهواة كلهم من المصريين وفيها يواجه الطلبة العرب أنفسهم في لحظة أستثنائية فيقولون (لازم نعترف الأول أن عندنا مشكلة. مشكلة معضلة.مشكله مزمنة. وكل ما نحاول نحلها.. تتعقد أكتر. نسأل اللي رايح واللي جاى.. ما حد راضى يدلنا. لأننا لا بنسأل بجد. ولا في نيتنا نسمع لحد. ورا كل حل تطلع لنا أسئلة.. أسئلة محرجة.. أسئلة مرعبة. أسئلة.. أسئلة.. وبلا أجوبة. وتتطلب رد. نرجع من الاول.. عندنا مشكله. وما لهاش حل. لأن كل الحلول الممكنة. يلزمها جهد وعمل. والعمل لابد يسبقه فكر.والفكر عندنا, مشكلة.. مشكلة معضلة.. مشكلة مزمنة. ومالهاش حل).وقد سألني حوالي 30 مراسل صحفياً أجنبياً هل يمكن عرض المسرحية في بلد عربي آخر؟. وقلت لننتظر ونري. وحتى الآن أنتظر لكن التليفزيون المصري أيضا رفض عرضها.
نعم ما يزال الفكر عندنا هو المشكلة.وإذا لخصنا مشكلة منطقتنا يمكن أن نوجزها في سؤال أساسي هو: إحنا ناقصين دين ولا ناقصين علم؟.
الفكر لا يأتي من وراءه إلا وجع الدماغ وصعب تعلمه.حقا كلنا نحفظ (اطلبوا العلم ولو في الصين) لكن الصين جاءت إلينا- لأننا تأخرنا شوية- وطرقت أبواب منازلنا وباعت لنا السبحة وصورة الكعبة وفانوس رمضان, لأنهاعرفت من بدري أننا ناقصين دين.والنساء ناقصات عقل ودين معا.وغدا نستورد منها اللحية والزبيبة والجلباب القصير والحجاب والنقاب.وبقي علينا أن نسلم أنفسنا لأقرب أمام جامع وهو يوصلنا للإخوان.
0 التعليقات:
إرسال تعليق