هل ينتظر القارئ منى أن أكتب عن عملية سيناء الأخيرة؟. عندما تقرأ هذه السطور ستكون صحفنا قد حفلت بمئات المقالات عن هذه العملية. ولقد فكرت فى لحظة أن أكتب عن العمليات الجديدة التى ستحدث!!. لكن صحف الأربعاء حملت لنا خبراً فى سطور معدودة عن «تعرض كمين الريسة الواقع على الطريق الدولى (العريش ــ رفح)
لهجوم مسلح من جانب مجموعة من المسلحين الملثمين والمجهولين وبادلهم أفراد الكمين إطلاق النار وفر المهاجمون فى المناطق الجبلية ومما يذكر أنه سبق تعرض هذا الكمين للهجوم 29 مرة منذ ثورة 25 يناير وهو يضم قوات مشتركة من الجيش والشرطة». انتهى الخبر. إذن لا قيمة لكتابتى عما سيحدث فى سيناء فى الغد. لأنه لا جديد، فالهجوم على قواتنا مسألة عادة وقد تعودنا على الدعاء بأن ربنا ما يقطع لنا عادة. فما لزوم الكتابة؟
قلت أنتظر استقبال «مرسى»، اليوم الأربعاء لنائب رئيس إيران والذى جاء يدعوه إلى حضور قمة عدم الانحياز فى طهران. وهل سيختلف عن استقبال «مرسى» لإسماعيل هنية، وخالد مشعل ومش عارف مين من قطر ورئيس الدفاع الأمريكى ومدام كلينتون؟. وهل سيقدم النائب الإيرانى الشكر للرئيس على التطنيش عن تهريب المتهمين الإيرانيين والفلسطينيين من سجون سيناء إبان ثورة يناير العظيمة؟
لكن ما لى أنا والسياسة؟. ولم أعمل بها أبدا ولم أكن يوما فى أى حزب. ورأيى أنها فى أغلب الأحوال مهنة تتخطى مهنة الدعارة فى السفالة. فالدعارة لها قانونها المنطقى، وهو ادفع تحصل على اللذة الرخيصة. أما السياسة فهى تقبض من الناس ولا تعطيهم إلا كلمات معسولة.
فى المقال السابق كتبت أن «الفكر عندنا لا يزال هو المشكلة. وإذا لخصنا مشكلة منطقتنا يمكن أن نوجزها فى سؤال أساسى هو: إحنا ناقصين دين ولا ناقصين علم؟». وجريمة سيناء التى تكررت وستتكرر كثيرا تثبت أننا ناقصو دين. فالملثمون (أو المنتقبون) ولا مؤاخذة، الذين قتلوا جنودنا على الحدود كانوا يصيحون (إلى الجهاد.. إلى الجهاد). وصرح بعض الإخوان والجماعات الإسلامية أن إسرائيل هى التى دبرت حادث سيناء للوقيعة بين مصر وحماس. ولم لا؟ لكن السؤال هل كان الشبان الثلاثة الذين هاجموا شابا يجلس مع خطيبته فى شارع عام وقتلوه لأنه لم يتزوجها بعد، كانوا يتذرعون بشىء غير الجهاد فى سبيل الدين؟. وهل يتبعون إسرائيل؟ فى الأخبار اليوم – الأربعاء- أن (مجموعة من شباب الدعوة السلفية نظموا ببورسعيد وقفة فى الشارع فى شكل سلاسل بشرية ستتوجه كل يوم إلى منطقة مختلفة لتذكير الناس بالدعوة إلى صلة الرحم والصلاة فى الجامع والبعد عن التدخين وبر الوالدين والتوبة عن المعاصى وتذكر القبر). فماذا لو لم يستجب كل الناس؟.
فى الأخبار أيضا القبض على ملتحى يغتصب الأطفال للمرة الثانية منذ أسبوعين وكان يهدد الأطفال بالضرب ويأخذهم إلى الاستراحة التى منحتها له المحافظة لتعليم أولادهم القرآن الكريم ثم يعتدى عليهم جنسيا. وكشفت التحقيقات الأولية أن المتهم يتبع الجماعات الإسلامية ويعمل محفظ قرآن بعدد من المساجد). فهل هو يعمل لحساب إسرائيل؟ هل أسرد عليك أخبارا أخرى من هذا النوع؟ لا تكفى آلاف الأوراق. فهل لا ترى بعد العلاقة بين هذه الأخبار التى يقع مثلها العشرات يوميا وبين قتل جنودنا على الحدود مع صيحات (إلى الجهاد)؟. المأساة ليست فقط فى قتل بعض الجنود. المأساة فى قتل روح أمة بأكملها. الجماعات الدينية وعلى رأسهم جماعة الإخوان عندنا بمثابة قواقع البلهارسيا فى الترع، من ينزل للعوم فيها تصيبه البلهارسيا فإذا لم يلجأ بسرعة للعلاج يظل ينزف حتى الموت. وقد اكتشف المرض قدماء المصريين ووضعوا العلاج له. لكن المشكلة أنهم كفرة!
منذ أيام هبطت أول مركبة فضاء أمريكية على سطح كوكب المريخ لمعرفة إذا كان قابلا للحياة. وهو أمر لا يعنينا بالطبع المهم أن نتذكر القبر (مع أننا نعيش فيه ونحن أحياء) فنحن لا ينقصنا العلم ولكن ينقصنا الدين.
الإرهاب يبدأ بدعوى تتمسح بالدين وهم منه براء. وبعد حادث سيناء أرى جماعات الإخوان يتمايلون ويغنون. (سينا رجعت تانى لينا والإخوان اليوم فى عيد).
0 التعليقات:
إرسال تعليق