الحياة لم تكن مثالية فى أى وقت. والمؤكد أنها لن تصبح مثالية فى أى عصر قادم.
هى تكون أحياناً أفضل من الماضى وأحياناً أسوأ منه. فالأمور دائماً نسبية.
وفى اللحظة التى نعيشها الآن لا نعرف إن كان حالنا أفضل ولو قليلاً من العامين الماضيين، أم أسوأ. فغالبية الناس مازالت غاضبة صارخة أو صامتة يئساً، ولو إلى حين. أما الذين يتكالبون على لهط الكعكة فى قضمة واحدة فهم وحدهم تبدو السعادة على وجوههم. ولكن فى أعماقهم ليست كذلك. فهم نهمون لابتلاع الكعكة بأكملها فى أسرع وقت، بينما الكعكة أكبر من قدرتهم على هضمها ويعانون الذعر أن تقع منها فتفوتة لغيرهم. وهم لذلك يكذبون ويمكرون، ثم هم يستهبلون!. وعند الحاجة يستخدمون العنف أو التهديد ويفسرون القانون لمصلحتهم ليأخذ الظلم شكل العدل.
فإذا فشلوا يدوسون على القانون ورجاله ويسفهون المنطق وأصحابه ويأثمون كل فكر لا يعرفونه، تقدمت به الدول الأخرى فصرنا بجوارها كالأقزام نرتعش أمامهم ونتسول منهم وفى نفس الوقت نلعنهم ونتوعد بالقضاء عليهم غدا بإذن الله. فى الأيام السابقة عاد الشباب يسقط جرحى وغدا قتلى لأنهم يطالبون بالحق والعدالة والكرامة. فهل حدثت ثورة حقا؟!
تصدر الشباب المشهد فى 25 يناير 2011. وفى الزحام جرى نشلهم. وصاح اللصوص بأنهم شرفاء وراحوا يفتكون بضحاياهم. وصفق لهم حكام الدول التى يسبها اللصوص الذين يدعون أنهم الأعداء.. كده وكده طبعا!
المعارك دائما ذخيرتها الشباب. أما القيادة فيقوم بها الكبار الذى اكتسبوا الخبرة وتفرغوا للتخطيط. لكن الكبار والشباب ينقسمون إلى جهلة وأغبياء ومرتشين.
وإلى علماء وأذكياء وعادلين. وهؤلاء هم الذين يصنعون الثورات. والثورة ليست التغيير فى حد ذاته لكن فى كيفية هذا التغيير. والثورة لا ينفع معها أن تمسك العصا من الوسط وتدعى العقل والمنطق. لا يعنى هذا أن تجنح إلى العنف أو المحاكم الثورية التى تضرب بالقوانين عرض الحائط فقد جربنا هذا منذ الخمسينيات فلم تحقق إلا استيلاء مجموعة من العسكر على مقاليد السلطة وحدها. حدث هذا عندنا.
وفى غالبية أقطار وطنى حبيبى الوطن الأكبر وأيضا البلاد الأفريقية من حولنا. التحدى أمامنا يتلخص فى أمر أساسى. هو أن ندخل عصر النهضة الذى دخله غيرنا، أما الباقى فهو تفاصيل معروفة، فليس مطلوباً منا أن نخترع العجلة. يكفى أن ننتجها نحن بدلا من أن نستوردها، فيعمل كل الناس ونوفر أموالنا التى نعطيها للغير.
على الساحة آلاف من الشخصيات التى نكن لهم الاحترام والتقدير. لكن الثورة لا ينفع معها الحلول الوسط وادعاء المنطق والتعقل فى غير موضعه. الثورة تحتاج إلى كلام واضح محدد لا يحتمل التأويل مصحوباً بمواقف عملية. ومن هؤلاء فى مصر الكثير من الرجال والنساء ونسبة لا بأس بها من الشباب يزداد وعيه يوما بعد يوم. وفى الأيام الأخيرة ضرب لنا المثل المستشار محمود عبدالمجيد الذى صمد أمام التهديد والتف حوله من هم على مثاله من القضاة الشرفاء. وقبل ذلك ضربت لنا المستشارة تهانى الجبالى المثل على قدرة المرأة المصرية على الدفاع عن حق المصريين فى الحرية والكرامة واحترام القانون وليس فقط حقوق المرأة فأثبتت أن المرأة يمكن أن تساوى مئة رجل. والمثل الثالث الأستاذ إبراهيم عيسى، الصحفى والكاتب ومقدم البرامج. فهو يتحدث بشجاعة فى خط مستقيم واضح لا يتصنع حياداً زائفاً ليس هذا وقته ولا يتحذلق ليثبت تمكنه من اللغة كتابة أو نطقاً بل يتوجه لكل الناس بلغة يفهمونها حتى وهو يتحدث عن قضايا فكرية وقانونية شديدة التعقيد. فى مصر آلاف مؤلفة من هذه النماذج وأفضل ولا يمكن حصرهم وهو ما يثبت أن الجينات المصرية مازالت تعمل عملها منذ آلاف السنين.
فهل مازال الأمل موجوداً؟. لا تهم الإجابة. فلا معنى للحياة بلا أمل إلا الموت.
ونحن نعرف أننا سنموت إن عاجلا أو آجلا. لكن أن تكذب وتجبن وتنافق أو تدعى الحياد فلا ينفعك أو يعطيك صحة أفضل. فقد تموت بالتخمة أو تموت فى السجن!
الأمل ليس اختياراً بل هو قدرنا بغض النظر عما سيحدث. وما سيحدث هو رهن بما نفعله. مصر كانت ولا تزال أغنى من كل بلاد العالم ولهذا هى مازالت تسرق حتى الآن من الغرباء فى الخارج ومن غرباء بيننا لا يتمتعون إلا بالجهل والبطش.
0 التعليقات:
إرسال تعليق