في العصور الغابرة قال أجدادنا حكمة خالدة لا زالت نبراسا لنا إلي اليوم وذلك عندما قالوا (الأدب فضلوه عن العلم) ولم يقصدوا بكلمة الأدب ذلك اللغو الذي يكتبه الأديب أو الأدباتي الذي يقول الشعر والزجل ويكتب الحكاوي
ويتفوه بألفاظ مجعلصة. وإنما كان المقصود بالأدب الأخلاق الحميدة مثل طاعة الوالدين وقلة الكلام وتقبيل الأيادي وخفض الرأس وغض البصر أمام الحريم,اللاتي كان عليهن الاحتشام وعدم إظهار أي جزء من مفاتنهن (أو قبحهن) وعدم البحلقة في الرجال إلا من خلال ثقب الباب ـ وحاليا ـ ثقب النقاب!. لماذا فضلنا ولا نزال الأدب عن العلم ولا مؤاخذة في دي الكلمة؟ ماله العلم ؟ لا هو استعماري ولا هو صهيوني ولا هو أمريكاني و لا هو ضد القومية العربية ـ وحاليا ـ القومية الإسلامية ما السبب في إقبالنا علي الأدب وأدبارنا عن العلم ( حلوه أدبارنا دي)؟. السبب أن الأدب ( خاصة أدب القرود ) سهل خالص. مجرد تخرس وتسمع كلام الكبير أو الأمير ( خاصة إذا كان أمير جماعة ). فلا تناقش أو تجادل يا علي. أما العلم ..أي علم فهو صعب. وهو صعب لأنه يتطلب الفهم لا الحفظ. والفهم عايز تفكير والتفكير عايز مخ والمخ الثمين نادر بينما المخ السمين عايز وقت. وإحنا زى ما أنت راسي مش فاضيين ومشغولين لشوشتنا. وكل علم مستورد بالضرورة من بلاد الفرنجة. هؤلاء الفرنجة الذي خلقهم الله لكي يبتكروا ويبتدعوا لنا فنتفرغ نحن لعبادة الله سبحانه وتعالي وندخل الجنة من أوسع أبوابها, كما قال أحد مشايخنا المشار إليهم بالبنان. (حاليا يشار إليهم بكاميرات التليفزيون فنظل نراهم ونسمعهم حتى بعد أن ينتقلوا لرحمة الله). ونحن لا نعادي الفرنجة لا سمح الله لأنهم مختلفون عنا في الدين, ولكننا نعادي العلم فقط. ليه؟ لأن الإنسان عدو ما يجهله, وكل عدو مكروه بالضرورة , والمكروه يفضل أن نتجنبه إن لم نستطع محاربته حتى لا نتلوث به كما حدث لرجال الأزهر الذين تحولوا من دعاة إلي علماء دين تشبها بالأجانب. ونظرة إلي ميزانية البحث العلمي عندنا مقارنة بميزانية البحث العلمي عند إسرائيل (ولا مؤاخذة برضه في دى الكلمة) قد تقنعك بأن العلم عندنا يكيل فعلا بالبدنجان فهم يصرفون الأموال علي ألعاب صبيانية بدلا من إنفاقها في خدمة دينهم رغم أنهم أقلية في العالم. أما الأدب بمعني تعاطي الشعر والقصة والرواية والمسرحية والمؤلفات الفكرية فقد حوله الأجانب مع الوقت إلي علم, وآل إيه بيدرسوه في الجامعات وحتى الفن (والعياذ بالله) فقد صار بدوره علما وأصبح له أكاديميات في الموسيقي والرقص والسينما ولا حول ولا قوة إلا بالله. إذن مشكلة الأدب من هذا النوع الثاني, أنه صار يسمي علم الأدب، ولعل هذا ما يفسر أنك لا تصادف شخصا بين الجماعات التي كانت محظورة حتى وقت قريب يتصف بالعلم أو يتصف بالأدب بهذا المعني المستحدث. ولا ينتظر أن يظهر بينهم عالم مجنون مثل زويل أو فاروق الباز أو أديب ملحد مثل نجيب محفوظ أو فنان من إي نوع والحمد لله. لله بالطبع لدينا آلاف العلماء والأدباء والفنانين بعضهم يكشف عن نفسه صراحة وبعضهم يندس بيننا متخفيا ولكن حمدا لله مرة أخري أن صوتهم ضعيف ولا يسمعهم إلا قلة من الناس فلا عندهم مثلنا منابر ليتحدثوا منها, قياسا بالمساجد والزوايا والساحات والمدارس والجامعات ومكانه في الإذاعة والتليفزيون, وفضائيات خاصة بنا متواجدون في كل نقابة واتحاد ومصلحة حكومية وهكذا نشرنا في كل مكان الأدب والأخلاق طيلة عهد مبارك مما جعلنا بعد أن كنا جماعة محظورة وممنوعة قانونا أصبحنا جماعة حاكمة وأصبح جماعة العلماء والأدباء والفنانين أصحاب البدع جماعة محصورة
سنضع عليهم القيود حتى نحصر علومهم في علم الأخلاق وأدبهم من نوع أدب القرود أي خال من كل علم الذي هو مثل « الكليسترول خطر علي صحة أمتنا».
0 التعليقات:
إرسال تعليق