skip to main |
skip to sidebar
28/09/2009

كتب لينين الرملي
حدث ما كان منتظرا في حالة فشل فاروق حسني
في الوصول لإدارة اليونسكو فكتبت بعض الصحف
أنه خاض معركة مشرفة وشرسة ضد مؤامرة
أوروبية أمريكية يهودية مشتركة.
مازلنا إذن في مربع نظرية المؤامرة.
حسنا إذا كان تكتل هذه الدول لإنجاح مرشح
أمام المرشح المصري هو مؤامرة ،
يكون تكتل الدول العربية والإسلامية والأفريقية
لإنجاحه والذي افتخرنا بصنعه هو اعتراف منا
بعمل مؤامرة ضد باقي المرشحين!
وإذا كان(العدو) المتآمر عمل علي (تسييس) المعركة
ففاروق حسني عمل وزيرا في الحكومة المصرية
لأكثر من عشرين سنة بالسياسة تماما كوزيرة
الخارجية البلغارية التي فازت بالمنصب!
لكن التكتلات والضغوط بل والرشاوي بطرق كثيرة
هي قانون أي انتخابات في أي مكان في العالم
وهو حادث حتي داخل الحزب الواحد عندما
يختار الرئيس أو الأعضاء.
ومن المنتظر أيضا أن تكتب بعض صحفنا المتحدثة
نيابة عن جماعات السلفيين شامتة في هزيمته
وهي التي كل أمانيها أن يفشل أي مرشح مصري
لهذا المنصب أو غيره والتي دبرت له مؤامرة بسؤاله
عن ترجمة الكتب الإسرائيلية لتورطه في تصريح
أقسم فيه علي حرقها إن وجدت وهي إجابة
يتوقعها المراقب لأداء أي سياسي في حكومتنا
منذ عدة عقود حيث اعتاد أي وزير
ألا يكون له رأي واضح.
وبهذا تكون جماعات السلفيين التي دأبت علي
مهاجمة فاروق حسني وكل ما هو ثقافة أو فن
أو أدب أو حضارة هي الضلع الأكبر في المؤامرة
جنبا إلي جنب مع أمريكا والغرب واليهود!
لكن رغم ما حدث سيظل من حسن سياسة حكوماتنا
المتعاقبة تجنب النقد للتيار السلفي
وتركه يفعل ما يشاء فالأسهل توجيه النقد
بعيدا عن الداخل لنتحدث عن خسارة مرشحنا
المشرفة ضد العدو الخارجي.
فخر لنا ولا شك أن يفوز مرشحنا بمنصب
مدير اليونسكو. لكن يسبق هذا ولا شك
أن تكون عندنا ثقافة! فما الفائدة أن يكون
مدير منظمة اليونسكو للثقافة والتربية
والعلوم الاجتماعية مصريا بينما يفتقد
مجتمعنا الثقافة والعلم والتربية؟!
ثقافة مصر لا يصنعها وزير الثقافة بل يلعب
فيها الدور الأصغر.. دور زر الرماد في العيون.
أما الجانب الأكبر من ثقافتنا فتقوم به
عدة جهات منها وزارات المالية والصناعة
والتعليم والشباب والإعلام والتضامن الاجتماعي
المشرفة علي الجمعيات الأهلية،
والجامعات المصرية واتحاد الكتاب
والنقابات الفنية ونقابة الصحفيين
وقبل كل هذا وزارة الأوقاف
والمجلس الأعلي للشئون الإسلامية
وخطباء المساجد! تعظيم سلام !
.وكل هؤلاء اشتركوا في المؤامرة
بقصد وعن غير قصد.
قبيل انتخابات اليونسكو قرأنا أخبارا عن القبض
علي بعض المواطنين في أسوان لتدخينهم
السجائر في نهار رمضان.
وفي برنامج عن هذا الموضوع رأت الأغلبية
أن هذا من حق الصائم وحق الدولة
أيا ما كانت المبررات والمعاذير الشرعية!

في حادثة رواها لي الموسيقار هاني شنودة.
أصر أربعة من ركاب الباص إلي الإسكندرية
علي غلق جهاز التليفزيون الذي يذيع فيلما
كالعادة بدعوي أنهم عائدون توا من السعودية!
وبعد معركة بالأيدي مع بعض الركاب
والسائق نفذوا ما أرادوا، ولم يقبض عليهم أحد.
ثقافة قبول الآخر عندنا تعني أن يقبل الآخر
كل ما أفعله غصبًا عن عينه.
واحترام الآخر يعني أن يفعل مثلما أفعله تماما.
وحرية الرأي أن أتكلم كما يحول لي وتخرس أنت.
حقوق الإنسان عندنا تعني أن يلقي الإنسان
زبالته حيث شاء،وان يسير بعربته
كما شاء فوق الرصيف أو فوق الأجساد.
والحقوق عموما تفسر حسبما يري
صاحب الذراع الأقوي أو الصوت
الأعلي فضلا عن صاحب النفوذ
ولو كان موظفا صغيرا .
فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل للأدب
لا يعني بالضرورة أن عندنا أدبًا!
ولو كان مرشحنا لليونسكو فاز بالمنصب
فلا يعني هذا أن عندنا ثقافة وتعليمًا
وتربية وعلومًا. فالرأي الغالب أن كل
هذا رجس من عمل الشيطان،
لا يكفي أن نتجنبه بل علينا أن نحاربه.
العلم عند العلماء.
ولا علم إلا الدين.بناء عليه
فرجال الدين يسمون (العلماء).
ولكن الحكومة لم تنتبه ورشحت فنانا لليونسكو
بدلا من عالم من علماء الدين حاصل
علي شهادة (العالمية ) يفهم في كل أمور
الدنيا والآخرة، وهو خير من نواجه
به تيار (العولمة). ليس من الغريب
إذن أن يتآمر علينا الغرب الذي يرفض
ثقافة الآخر الذي هو نحن ولا يريد فهمها
أو قبولها لتعصبه، ولا ينظر باحترام
إلا لثقافة مصر القديمة التي يدعون
أنها أولي الحضارات لا يعرفون أننا
تبرأنا منها لأنها ثقافة المساخيط.
وهي الأصنام الضخمة التي أسموها
بالتماثيل التي كانوا ينحتونها
للآلهة والملوك.ولكن المستعمر
ضغط علينا لنعترف بها.
وساعدنا اليونسكو علي ترميمها وإنقاذها
من الغرق أحيانا في الستينيات في عز
غضب الغرب علي حكومتنا ومؤامراته ضدها.
وقف فاروق حسني الذي رمم كثيرا من
آثار قدماء المصريين يناقش بعض رجال
يمقتون المساخيط فهدأ خواطرهم بمعني
لم يقصده وهو استعداده لحرق الكتب الإسرائيلية
إذا وجدت.لم ينتبه أن مثل هؤلاء يحرقهم
الشوق لحرق كل المساخيط قبل الكتب الإسرائيلية.
قد يستحق فاروق حسني الفنان وبعض
عمله كوزير علي جائزة عالمية لكن العالم
لا يرونه أصلح من يدير ثقافة العالم قبل
أن تكون لمصر ثقافة حضارية جديدة
لا قديمة وهو أمر لا يقدر عليه لا هو
ولا غيره في الوقت الحاضر وحتي إشعار آخر.
لسان حالنا يقول
(إيه اليونسكو دا؟ دا إنجليزي يا مرسي؟).
الآثار المصرية القديمة مازالت تقف
شامخة وقد علمت الدنيا وألهمتها
ومازالت تفعل ذلك في شتي نواحي الحياة،
ونقف أمامها نحن كالأقزام لا نريد
أن نواجه أنفسنا بأنها مازالت حية
تكاد تنطق بينما نحن هم المساخيط
التي لا تنطق.. فإن نطقت لا تخاطب
إلا نفسها ولا تتشدق إلا بلغو الكلام.
والسلام عليكم، وعليكم السلام.
0 التعليقات:
إرسال تعليق