لينين الرملي
لندع الإنتخابات الآن ومشاكلها . ما رأيكم لو نتكلم اليوم عن أغانينا ؟ . أغاني ثورة 25 يناير التي عبرت عنها وعن حبنا لمصر ؟ . فالفن يعكس روح العصر .
لكن لنرجع أولا إلي عهد فاروق الذي غني له الكثير من المطربين وعلي رأسهم أم كلثوم وعبد الوهاب .
الذي غني له في عيد ميلاده أغنية ( الفنون ) البديعة التي منع إذاعتها أيام عبد الناصر أو إذاعة الجزء الخاص بمدح فاروق والتي مازال بعض كبار السن يستمعون لها حتي الآن
ويقول فيها عبد الوهاب ( الفن مين أنصفه غير كلمة من مولاه والفن مين شرفه غير الفاروق ورعاه . إنت اللي أكرمت الفنان ورعيت فنه ردت له عزه بعد ما كان محروم منه ورويت فؤاد بالألحان برضاك عنه ) وحظي من بعدها بلقب مطرب الملوك والأمراء .
ومن أهم إنجازات ثورة يوليو أو بمعني أدق عصر الزعيم الخالد عبد الناصر هي ماكينة الأغاني والأناشيد التي أنتجت كما هائلا للإشادة بالثورة وبمصر وبكل أسماء البلاد العربية إسما بعد إسم وطبعا تكاد لا تخلو أغنية منها من إسم ناصر وإن كانت قد خفت كثيرا بعد هزيمة 67 ( أو النكسة .. والإختيار لك ) . ثم اختفت تماما بعد وفاته - إلا أغنية الوداع في جنازته . وهو ما قد يدل علي عدم أصالة شعبنا ( أو أصالة الزعيم والإختيار لك ) .
يضيق المجال بالطبع عن ذكر أغاني كل المطربين بلا إستثناء تقريبا فهو يحتاج إلي مجلد ضخم وكانت معظمها أغاني بديعة الكلمات والألحان والغناء خاصة أغاني أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم مطرب الثورة شبه الرسمي .
أما الأغاني والأشعار التي كتبت عقب الحرب فكانت علي عكس ذلك .
وكتب الشاعر نزار قباني يقول للرئيس ( يا سيدي السلطان كلابك المفترسات مزقت ردائي ومخبروك دائما ورائي .. لقد خسرت الحرب مرتين لأن نصف شعبنا .. ليس له لسان محاصر كالنمل والجرزان .. في داخل الجدران .. لقد خسرت الحرب مرتين .. لأنك إنفصلت عن قضية الإنسان ) . وانتشرت القصيدة بين الناس انتشار النار في الهشيم بسبب منع الزعيم من تداولها فكانت تنسخ بكل الصور فيتخاطفها الناس ويرددونها . لكن بعد وفاة الزعيم الخالد قال نزار قباني عن نفس الرجل في قصيدة عنوانها آخر الأنبياء يقول : ( قتلناك يا آخر الأنبياء . ليس جديد علينا إغتيال الصحابة والأولياء . نزلت علينا كتابا جميلا . وتركناك في شمس سيناء وحدك . لماذا قبلت المجيء إلينا ؟ فمثلك كان كثيرا علينا . سقيناك سم العروبة حتي شبعت . كل الأساطير ماتت بموتك وانتحرت شهرزاد . وبعدك كل الملوك رماد الخ ) أطربت القصيدة الكثيرين وما زالت حتي اللحظة . هل في تسميته بآخر الأنبياء بعض التأليه ؟ ومتي يكون الكفر إذن ؟ وهل نحن اللذين قتلناه ؟ نحن المصريون والعرب ؟ الإختيار لك . وعندما حقق السادات نصر أكتوبر غني عبد الحليم ( عاش اللي قال ) دون أن يذكر إسم السادات صراحة . ربما خوفا من الزعيم الخالد في تربته . وغني الجميع للشعب والجيش ولمصر وكانت أغاني جميلة وما زالت تطربنا للآن أيضا .
في نهاية عام 1970 وبعد وفاة عبد الناصر وجدت صاحب كشك صحف يعلق لأول مرة صورة لعبد الناصر . سألته بفضول لماذا علقها الآن ؟. رد فقال بالنص : ( هو ما عمليش أي حاجة . لكن كان راجل جدع ما بيخافش من حد ) لم يسأل البائع نفسه مثله كعدد عظيم من المصريين , لماذا لم يكن بطله الذي لم يفعل لصالحه شيئا يخشي من أحد ؟ وهل يخشي أحد من خرج إلي الشارع بدبابة ليخطف الحكم ويضع كل السلطات والقوة في يده من شعبه ؟. كلمة ( راجل جدع ما بيخافش من حد ) في رد البائع دقيقة فهي لا تعني القوة بالضرورة بقدر ما تعني عدم الخوف . وهي ما تميز البعض في خناقات الشوارع عندما يعلن عن التحدي بغض النظر عن النتيجة . الفرق أن الزعيم الخالد كان يتخانق بإسم شعبه وكان موته هو مصيره الطبيعي . لكن غامر بموت الشعب معه . تسألني الآن لماذا أتحدث عن الماضي ؟ أولا لأنه لم تبرز أغنية عبرت عن ثورة 25 يناير . وثانيا لكي أحذر من خطب المرشحين . اللذين يوعدون الناس بكلمات كالأغاني لا يكتشف كذبها إلا بعد الهزيمة . هزيمة مصر .
0 التعليقات:
إرسال تعليق